للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إينال المذكور. وتنقّلت به الأحوال عنده حتى صيّره دواداره في حال إمرته، ثم بعد

ذلك سأل له الظاهر أن يقرّره في إمرة عشرة شغرت بصفد، فأجابه إلى ذلك،

فصار من أمراء صفد وخرج إليها. وكان لأستاذه بعض تعلّقات بها أيضًا، فدام

يشبُك على ذلك مدّة حتى تسلطن أستاذه فبعث إليه بتقدمة ألف ودوادارية السلطان بها. فتوجّه إليها وضخم بها جدًّا وعظُم، وحصّل المال، ولم يزل إلى آخر دولة أستاذه، فقدم عليه إلى القاهرة لزيارته بها، فاتفق أنْ مات الأشرف أستاذه وتسلطن ولده كما ذكرناه، فصيّره من مقدَّمين (١) الألوف على هذه التقدمة التي ذكرناها، فلم تُطل مدّته بها حتى خُلع المؤيَّد هذا على ما سيأتي ذلك في هذه السنة في متجدّدات رمضان منها، وتسلطُن خُشقدم فأخرجه إلى نيابة ملَطْية عِوضًا عن قانِباي البكتُمري لما نُقل من ملطية إلى البيرة، ثم نُقل من ملطية إلى أتابكية حلب (٢) ثم إلى نيابة حماة عِوضًا عن ابن (٣) مبارك، ثم نُقل إلى نيابة طرابلس عوضًا عن ابن (٤) مبارك المذكور أيضًا، ثم نُقل إلى نيابة حلب عِوَضًا عن الحاج إينال لما مات، فدام على نيابة حلب إلى أن كانت كائنة سِوار الأولى، وكُسر العسكر، فاختشى يشبُك هذا على نفسه، فاختفى ثم ظهر في دولة الأشرف قايتباي، فولّاه طرابُلُسَ ثانياً بعد حلب عِوضاً عن قانصوه اليحياوي لما نُقل إلى نيابة حلب عِوضًا عن يشبُك نفسه، بحكم هربه واختفائه، وعُدّ ذلك من النوادر، ثم نُسِب وهو بطرابلس إلى أمرٍ، وأنه كاتبَ حسن الطويل صاحب ديار بكر، فبعث السلطان إليه البرهان النابلسي فقبض عليه قبضًا فاحشًا، وأسرف في ذلك، وصادره أقبح مصادرة، وحمله إلى قلعة دمشق فسُجن بها مدّة، ثم شفع فيه يشبُك من منصور الدوادار فأُطلق وأُخرج إلى القدس، ثم أعطي رزقًا هيّنًا بصفد، وهو بها الآن، وقد حصل له رعشة مما قاساه من المِحَن. وكان أصل ما حصل عليه من الكروب أمانه لا جوزي خيرًا.

وهو -أعني يشبُك هذا- إنسان حسن السمت والملتَقَى، له تؤدة وسكون زائد، ويوصف بالخير والتديّن والعفّة والأمانة والشجاعة والإقدام.

وسيأتي فيما بعد تفاصيل تنقّلاته كلّ في محلّه، وكذا ما جرى عليه بزيادة على ما ذكرناه هاهنا إن شاء اللَّه تعالى.


(١) هكذا يكتبها المؤلف -رحمه اللَّه- في كل مواضح الكتاب. والصواب: "من مقدَّمي الألوف".
(٢) كتب بإزائها على الهامش: "حلب على الحجوبية الكبرى بها ثم نقل إلى نيابة".
(٣) في الأصل: "بن".
(٤) في الأصل: "بن".

<<  <  ج: ص:  >  >>