للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٥٤ - يونس الأقبائي (١) الدوادار الكبير.

الأمير شرف الدين صهر الأشرف إينال على ابنته الخَوَند فاطمة.

كان من مماليك الأمير آقباي المؤيَّدي نائب الشام، وتنقّلت به الأحوال بعده إلى أن صُيّر خاصكيًّا، ثم أُمّر عشرة، ثم صيّره الظاهر جقمق شادّ الشراب خاناه على إمرة طبلخاناه، ثم نقل إلى تقدمة ألف، ثم صيّر دوادارًا كبيرًا في دولة الأشرف إينال عِوضًا عن تمربُغا بعد القبض عليه في كائنة خلع ولد أستاذه المنصور عثمان بن الظاهر جقمق وذلك في سنة سبع وخمسين وثمانمائة، وتقرّب من إينال واختصّ به، وأزوجه ابنته فاطمة المذكورة فاستكبر بها وصار ذا وجاهة وحُرمة كاملة وشهرة، وقُصد في كثير من المهمّات، وأثرى، واقتنى النفائس المستحسنة، ودام على ما هو عليه مدّة سلطنة الأشرف إينال كلها. ولما مات تسلطن ولده إتفق أن تمرّض يونس هذا وطال به المرض مدّة حتى كانت الكائنة التي خُلع فيها المؤيَّد فبعث فيها إليه بأن يجهّز من مماليكه جماعة بلامة الحرب مساعدة للأتابك إينال، فما أمكن إلّا الإجابة على رغمٍ منه ومنهم، ودام بعض أيام وأدركه أجله.

وكان إنسانًا حسنًا، عاقلًا، حشمًا، سيوسًا، مدبّرًا، حسن الهيئة والملتقى، ذا أدب وتؤدة وسكون ورياسة وكياسة، وكرم زائد. وكان عارفًا بأنواع الفروسية والملاعيب، وله من الآثار تربة أنشأها بالصحراء، والسبيل بالصليبة، والمكتب للأيتام، وبه البرّ والمعروف والمرتّب لهم. وبنى (٢) عدّة دُور جيدة. وكان له محاسن جمّة في الجملة.

توفي يوم الأربعاء العشرين من شهر رمضان، وهو اليوم الرابع من سلطنة الظاهر خشقدم وجُهّز وحُمل إلى تربته المذكورة فدُفن بها.

وأُعطي بَرْكُهُ لجانَم نائب الشام بتمامه وكماله على ما عرفتَ ذلك. ووُلّي الدوادارية بعده جانِبك نائب جُدّة، وقد عرفت هذا أيضًا فيما تقدّم.


(١) انظر عن (يونس الأقبائي) في: النجوم الزاهرة ٦/ ٣١٣، والمنهل الصافي ١٢/ ٢٦٩، ٢٧٠ رقم ٢٧٤٤، والدليل الشافي ٢/ ٨١١ رقم ٢٧٣٢، والضوء اللامع ١٠/ ٣٤٥ رقم ١٣٢٠، ووجيز الكلام ٢/ ٧٤٤ رقم ١٧٠٧، والذيل التام ٢/ ١٥٨، ونيل الأمل ٦/ ١١٤ رقم ٢٥٣٠، وبدائع الزهور ٢/ ٣٨٠.
(٢) في الأصل: "وبنا".

<<  <  ج: ص:  >  >>