للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

منه ومكراً وأنا لا شعور لي بغرضه، ثم احتال عليّ بأن قال لي: إن الرقيق في غاية الرخص بهذه البلاد، وفي غاية ارتفاع السعر بساحل بيروت، فاشترِ لي عدّة من ذلك أتوجّه به (١) إلى بيروت صحبة الشواني للبنادقة مع التجار، فأبيع ذلك ببيروت، ثم أحضر مع الشواني أيضاً بمالٍ طائل. فأعجبتني المقالة عليّ بذلك مع ركوني إليه وعدم شعوري بشيء من حيلته، بل ولا توهّمت منه شيئاً من ذلك، فضلاً أن أتحقّقه، وهيّأت له ذلك، وصرفت مبلغاً جيداً في ثمن الجواري وفي زادهنّ وعمل يَرَقه، وأنزلته صحبة التجار، ثم ورد الخبر بعد مدّة لطرابُلُس بأن الذي توجّه بالرقيق فنزل بهنّ في جزيرة رودس وباعهنّ بها، وورد هذا الخبر على قائد طرابلس، وأن الذين أنزلهنّ قبض أثمانهنّ من إفرنج رودس، وارتدّ عن الإسلام، وخرج إلى سردينية (٢). ولما تحقّق قائد طرابلس هذا الخبر من بيع الجواري برودس وأنا لا علم عندي بشيء من ذلك، بعث إليّ من أحضرني إليه، وسأني عن الجواري وقال لي: بعثت بهنّ إلى أيّ مكان؟

فقلت: إلى بيروت.

فقال: إنك بعثتَ بهنّ لرودس وأمرت بأن يُبَعن بها.

فقلت: إن فعلت ذلك فعليّ ألف دينار لبيت مال المسلمين.

فسكت عنّي حتى قمت (. .) (٣) مرزة، ثم لم ألبث إلّا وقد بعث إليّ ثانياً، وأحضر اثنين (٤) من الأسارى كانا هربا من رودس فأخبراه بحضوري بما ذكرناه.

فقلت: أَأُبِعن في رودس للفرنج؟

فقالا: نعم، وذكرا البائع ووصفاه.

فأخذت (٥) العجب من ذلك، وظننت أن هذا من وضع ذين الأسيرين بتعليم هذا الظالم واتفاقه معهما للإنتقام (٦) منّي لكونه بغض منّي.

فقلت: أنا أَلتزم لبيت مال المسلمين بالعدول بألف دينار إن صحّ أنني بعثت بهنّ إلى رودس للبيع بها.

فأحضر اثنين (٧) من يهود ديوانه منتظراً عليّ التزماً بذلك وأنا غافل عن ما هم فيه.


(١) الصواب: "بها".
(٢) في الأصل: "سردينة".
(٣) كلمة ممسوحة.
(٤) في الأصل: "واحضر اثنان".
(٥) الصواب: " فأخذني".
(٦) في الأصل: "معهما لانتقاع"
(٧) في الأصل: "فاحضر اثنان".

<<  <  ج: ص:  >  >>