للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشيخ الإمام، العالم، العلّامة، الصالح، زين الدين.

ولد بهِلّية (١)، قرية بالقرب من سَفْط رشيد من أعمال البَهْنَسَاوية، في سنة (تسع وسبعين وسبعمائة) (٢)، وبها نشأ.

ثم قدم القاهرة فاشتغل بها بعد حفظه القرآن العظيم، فأخذ عن جماعة، منهم: البرهان الإبناسي، وغيره، وحجّ وعاد إلى القاهرة، ثم رحل إلى البيت المقدس فلازم به الشهاب بن الهائم، وأخذ عنه الكثير. وانتفع به في فنون، وبرع في الفقه والنحو، وشُهر وذُكر، وشارك الناس، وقطن بالقدس، وشُهر بها بالعلم، والفضل والدين، والخير والصلاح، وأخذ عنه جماعة وانتفعوا به، منهم، الأعيان كالشمس بن حسّان، وعبد الكريم النقشبندي، والبرهان البقاعي، وآخرون (٣)، وكان مقصدًا للناس في مَهَمّاتهم والكثير من أمورهم، وبه النفع العام، ولم يزل بالقدس إلى أن بَغَته أجلُه به.

وكان إمامًا عالمًا، عاملًا، فاضلًا، كاملًا، خيّرًا، ديّنًا، صالحًا، رأسًا في الفرائض والفقه والعربية، بل وغير ذلك، كثير التواضع، ملازمًا للخيرات، منجمعًا عن الناس جدًّا، ذا سمت حسن وتؤدة، وبشاشة، وحسن محاضرة، كثير التثبّت في نقله، غير مجازف ولا متهوّر، له اقتدار على تأدية الكلام مع حسن التصوّر واستقامة الفهم. وبالجملة فكان من نوادر وقته، كما كان اسمه من نوادر الأسماء، مطابقًا لمُسمّاه.

توفي بالبيت المقدس، على خيرٍ كثير في ليلة الأربعاء سلْخ ربيع الأول.

وكانت جنازته حافلة، ولم يخلُفْه بعده مثله.

ولما بلغني موته أنشدت في ذلك من غير تدوين بل على البديهة ارتجالًا بحسب الحال هذه الأبيات في رثائه (٤)، رحمه اللَّه:

أحييتَ بالعلم رسمًا … قد كان قبلك داثرْ

وقد تمهّرْتَ فيه … فطابَقَ الاسم مماهرْ

وزدْتَه بصلاح … لكم وخير المآثر

ودمت دهرًا مُعينًا … للناس نَفْعُك ظاهر


(١) القاموس الجغرافي ق ٢ ج ٣/ ١٤٣.
(٢) بياض في الأصل. والمستدرك من: عنوان الزمان ٤/ ١٤٩.
(٣) في الأصل: "وآخرين".
(٤) في الأصل: "رثاية".

<<  <  ج: ص:  >  >>