للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قليلون الذين يفعلون ما شاؤوا، وما راعى الصحبة، وراعى هذا الظالم، ولما بلغني ذلك تألّمت له. وكان عندي إنسان من ظرفاء سمرقند يقال له خليل العجمي ممن كان أقام بدمشق والقاهرة كثيرًا، وله إلمام بالنَظْم، فحنق من العوّادي هذا إلى الغاية ثم هجاه بقطعة غريبة في الأهاجي كأنه لسان حالي، أو قالها على لساني، وأنشدنيها ولم يحضُرني منها الآن إلّا ما أثبتُه هاهنا، وهو قوله:

بني (١) العوّادي أقوامٌ لئام … حلالُ الشرعِ عندهُمُ حرام

لهم فِتَن تُشاعُ بكلّ نادٍ … عليهم لعنةُ المولى دوام

شويشوا مشهور … إذا حلّو شواش

لا علموا منشور … بسوق الأوباش

جَوَّعْ أُمّوا وأولادوا حتى صار ما لو موجود … في الغيبة يا ناس زاد وعوّادي اسمو من عود

فلا عجبًا إذا افتخروا بعرضي … فإنّ العَرْضَ عندهمُ مُباح

وإنْ قالوا: قليل الدين قلنا … فطيم، لا يريد سوى النكاح

مشهور القَطْمة يؤذي من حاذاه … من ينظر عمّه يحسب بنتي أباه

ما هو شيء إلّا خَرَيتُه … حاشاه من هو يسمعني

( … ... ) (٢) النّيّة من يقرا ينقل عنّي.

وهي طويلة.

ثم بعد أيام من هذه الكائنة ورد قارب من أسارى ورد من الأروام المسلمين هاربين منها، وكانوا زيادة على العشرة، فأخبروا بالقضية على جليّتها، وأن ذلك الكلب مملوكي كان باقيًا (٣) على دين النصرانية مُبطِن الكُفْر، مُظهر الإسلام، وأنه ذكر لهؤلاء الأسارى برودس أنه تحيّل عليّ وأخذ الجواري مُظهرًا الاتجار بهنّ في ساحل بيروت لي، وأنه أخذهنّ لنفسه وباعهنّ برودس بحيلةٍ تزيد على الخمسمائة دينار، وارتدّ عن ما كان يُظهره من الإسلام، وأنه ذكر لهم أنه متوجّه إلى جزيرة سردانية بلاده، وكان منه (٤) على ما تقدّم ذِكره، وذكر لهم أنه لما دخل البنادقة بالشواني لرودِس تحيّل على صاحب المركب الفرنجي الذي هو معه، وذكر له أنني ذكرت له أنه إن قُدِّر دخولهم إلى رودس فلْينزلْ بها هو والجواري ويحملهنّ إلى برّ التركية فيبيعهنّ ببلاد الروم لأنهنّ أغلى ثمنًا منهنّ ببلاد الشام، وأنه قال له إنّ


(١) هكذا في الأصل، والصواب: "بنو".
(٢) كلمتان غير واضحتين، تُقرآن: "المو مفقود".
(٣) في الأصل: "كان باقي".
(٤) في الأصل: "وكان منها".

<<  <  ج: ص:  >  >>