للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكان بير بُضاغ بن جهان شاه قد ترفّض، وغلا (١) في رفْضه، حتى قال بإلهيّة عليّ بن أبي طالب، وعظُم المشهد جدًّا، واحتفل بشأنه إلى الغاية. ولما بلغه ما فعله صاحب الترجمة به، وبَلَغته دعواه قامت قيامته. ولم يزل حتى وصل من شيراز، فوصل إليه في مدّة قصيرة جدًّا، وكاد العقل لا يسعها، وكان وصوله إليه بحيَل عجيبة، وأمور غريبة، من طُرُق غير سالكة، وجبال شامخة قطعها بجماعة مُشاة، حتى وصل إلى ( … ) (٢) في مدّة يسيرة. واتفق قبل ذلك أن كان عليّ هذا قتل إنسانًا من الأكراد ظلمًا. وكان للمقتول أخ، فصار يترصّد صاحب الترجمة لقتله، لأخذ ثأر أخيه، فاحتال في ذلك بكل حيلة، حتى صار من رُعاة غنمه، وترصّده يومًا وقد نزل بشاطئ الدجلة للاغتسال. وكان الكردي مختفٍ في ( … ) (٣) فعاينه، ورماه بسهم أصابه به، وفُطن به، فحُمل وأُخرج بسهمه، وتسامع به عسكره وجماعته، فصاروًا يأتون إليه فيرونه في تلك الحالة، وبه بعض رَمَق، فيُخرجون سيوفهم من الأغماد، ثم يقيمون السيف، ويجعلون ذبابته في صدورهم، ويُؤكئون أنفسهم حتى يخرج السيف من قفا من يفعل ذلك منهم، ويقع على صاحب الترجمة، وازدحموا عليه لذلك، وهم يفعلون بأنفسهم ما ذكرناه، فأكملوا قتله، ومات منهم الجمع الوافر على تلك الهيئة. وبينا هم في ذلك إذ صادف مجيء بير بُضاغ، ووصوله إلى بلادهم، ولا عِلم عنده بما اتفق، فثاروا به وظنّوا أن ما وقع لصاحبهم من قِبَله، ووقع بينهم حرب كبير، انهزم فيها أصحاب صاحب الترجمة إلى الجزائر، بعد أن قتل منهم الجمع الوافر. وأخذ بير بُضاغ عليًّا هذا فاحتزّ رأسه، وبعث بها لأبيه جهان شاه، وحشا جثّته، وجُعلت بوا (؟) وعلّقت على باب بغداد أيامًا، وصار أعداؤه (٤) يقصدونه بالرمي بالسهام، إلى أن صار كالقنفذ بالسهام، وكان البعض يُنكِرونه، وأنه هو، ثم يعرفونه من إصبع رِجله، وكانت زائدة الطول، فيجزمون بقتله.

وكان ذلك في هذه السنة فيما أظنّ أو في التي قبلها، واللَّه أعلم.

وأراح اللَّه تعالى منه العباد والبلاد.

ومَلَك بعده مملكتَه أخوه المحسّن، وكان أخّذه سببًا لرَفْع بير بُضاغ رأسه على أبيه، كما يأتي ذلك في محلّه من تاريخنا هذا إن شاء اللَّه تعالى.


(١) في الأصل: "غلى".
(٢) كلمة غير مفهومة، لعلّها "المُكَلّا"؟
(٣) كلمة غير مفهومة، لعلّها "المدفن"؟
(٤) في الأصل: "اعداه".

<<  <  ج: ص:  >  >>