للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

موت أبيه، فإنّه في حياته كان على شفى حَرْف الزوال توهُّمًا، ودام على مُلك أبيه مدّة، ورأيته لما دخلتُ غَرناطة، وهو شاب يُذكر بالفضيلة والمعرفة التامّة، والشجاعة والإقدام، ومحبّة العلم والعلماء. ثم جرت بينه وبين أبيه منافسات بعد إخراجه، وكذا بينه وبين أخيه أبي (١) الحَجّاج يوسف، حتى أشرف على انتزاع المُلك منه. ثم مات. واستقلّ هو بملْك الأندلس من غير معارض، حتى نشأ له ولد اسمه محمد، ويُكنَّى بأبي عبد اللَّه، فثار بأبيه هذا بعد الثمانين، وفعل معه نحو (٢) ما فعله هو مع والده سعد الماضي، وهي غالب عادتهم بتلك البلاد مع الآباء والأولاد، بل والأجداد والأحفاد، وآل أمره أن أخرجه إلى مالقة، ومَلَك غرناطة.

ثم جرت كائنة عُظمى، وداهية طمّى، سنشير إليها في سنة سبعٍ وثمانين، ونذكرها هناك، آل الأمر فيها إلى أخْذ الفرنج أبا (٣) عبد اللَّه هذا في حال كونه سلطانًا، وأُسر عندهم بجموع من عساكر المسلمين من الأندلس، فبدر أهل غَرناطة لمالِقَة، وأخذوا صاحب الترجمة، وأعادوه إلى ملكه بعد تمنُّع منه، وكان عَوده إليها في صفر سنة سبع وثمانين، وهو الآن بها على مُلكها.

وهو إنسان حسن، وله همّة وأيادٍ، وآثار محمودة في غزو الكفار، وأبلى (٤) فيهم بلاءً حسنًا (٥)، وغزا عدّة غزوات مشهورة مذكورة، وقام بإعادة الحامة إلى المسلمين أتمّ قيام، حتى أعادها بعد أن أخذها الكفّار، وغُزيت من صاحب قَشْتالة، وأشرف على أخذه أو قتله بعد أن نهبه، وندب جميع عساكره) … ... ) (٦) حتى منعه الكفّار من أن يبقى أميرهم وأقاموا غيره فنشأ) ...... … ) (٧) للمسلمين ( … ) (٨) دام ملكه على الأندلس فوق العشرين سنة، بما في ذلك من مدّة تملّك ولده، وهي مدّة يسيرة.

ولي في مدح أبي الحسن هذا قصيدة مطوّلة، هذا أوّلها:

إلى أبي الحسن الأعناقُ تنخضعُ … وعند سُدّته الأملاكُ تتّضعُ

ومن شجاعته الأبطالُ قد فَرَقُوا … ومنه أفئدة الاعداءِ تنخلعُ

وهي طويلة، وقف عليها وأثاب وشكر. وسيأتي تفاصيل بعض مما ذكرناه هاهنا في محلّه إن شاء اللَّه تعالى.


(١) في الأصل: "أبو".
(٢) في الأصل: "نحوًا".
(٣) في الأصل: "أبي".
(٤) في الأصل: "وابلا".
(٥) في الأصل: "حسا".
(٦) كلمتان غير واضحتين.
(٧) ثلاث كلمات غير واضحة.
(٨) كلمة واحدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>