للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقال: هذا كلام لا معنى له، لأن الجَرْعاء مكان على حِدته، والرَقْمَتَين مكان آخر على حِدَته، ومن المستحيل نقْل مكانٍ إلى مكان. ثم أخذ بعد هذا الاعتراض ينكّت بأن قال عن صاحب الترجمة، ولقد بلغه عنّي هذا الاعتراض، فلم ينتصر لنفسه ولم يتكلّم. انتهى.

أقول أنا: والظاهر من عدم تكلّمه سدّ باب القيل والقال وفتح الجدال، لا سيما وهو يعلم بأن النواجي من أهل المشاغبة، أو جرى في ذلك على عادته، إنه كان لا يهجو من هجاه، فضلاً أن يعترض على من اعترض عليه، وكان سبيله المَيل إلى السكون دائماً، لا سيما في مثل هذه الأمور، وإلّا فكان بمكنته أن يقول ما يقول أنا نواجي في قول المتنبّي في بعض قصائده في مدح البعض من الأكابر:

وأخاف أهل الشِرك حتى إنه … لتَخَافُه النُطَف التي لم تُخَلقِ (١)

فإن ذلك من باب الإيغال، وهو شائع ذائع. وقوله: من المستحيل نقل مكان إلى مكان ليس بمسلّم. ألا ترى أن الله تعالى نقل أرضاً من الشام إلى الطائف، والطائف إلى الشام!؟

ومن نظمه فيمن اسمه "علي":

قل لي متى ظعنُهم جَدّ السرى بعلي … وأيُّ دمعٍ عليه غير منهمل

قد سارَعَ الحزن نحوي بعد فُرقتهم … فلا تَسَلْ عن مصابي يوم سار علي سارع لي (٢)

وله نحو ما ذكرناه أشياء كثيرة ونظم كثير.


= (قسم الأدب) ق ١/ ١٧٤، ١٧٥ و ١٨٥ و ١٩٠ و ٣٥١، وتاريخ الأدب العربي ٢/ ٥٦، وذيله ٢/ ٥٦، ومخطوطات الموصل ٤٧، والأعلام ٦/ ٣٢٠، ومعجم المؤلفين ٩/ ٢٠٣، وديوان الإسلام ٤/ ٣٢٥، ٣٢٦ رقم ٢١٠٨، ومختارات من المخطوطات العربية النادرة في مكتبات تركيا ٨٣٢ رقم ١٥٦٠، والتاريخ العربي والمؤرخون ٣/ ٢٤٠ رقم ١١٠، والمعجم الشامل للتراث العربي المطبوع ٥/ ٢٦٠، ٢٦١.
و"النواجي" نسبة إلى قرية نواج من الغربية من أعمال القاهرة.
(١) هذا البيت ليس في ديوان المتنبي، بل هو في ديوان أبي نواس -تحقيق أحمد عبد المجيد الغزالي- بيروت، نشرته دار الكتاب العربي - ص ٤٠١، وقد نُسب إليه في: العقد الفريد، لابن عبد ربّه الأندلسي (بتقديمنا) - طبعة دار الكتاب العربي ببيروت ١٤١١ هـ. / ١٩٩١ م. - ج ١/ ٥٤ و ٥/ ٣٢٤، ونصيحة الملوك، للماوَردي - تحقيق محمد جاسم الحديثي - بغداد، وزارة الثقافة والإعلام ١٩٨٦ - ص ١٣٨.
والبيت بلفظ:
وأخَفْتَ أهل الشِرك حتى إنه … لَتَخافُكَ النُطَفُ التي لَم تُخْلَقِ
(٢) هكذا في الأصل. والبيتان في عنوان الزمان ١/ ٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>