للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صحبتها غير ما مرة، وهي أيضًا من نوادرها. وكانت قد لبست الخرقة الأحمدية وتمشيخت، مع ديانتها وعفّتها، وعدم رغبتها الكلّية في الدنيا كغيرها من الخَوَندات، وإلّا لو كانت متطلّعة ومستشرفة إلى ذلك لأُشهرت فوق ما اشتهرت به الخَوَند زينب الخاص بكية (١) في تدبير المملكة مع زوجها، لكنها كانت غالباً تُظهِر الالتفات إلى الآخرة.

وكانت خيّرة ديّنة، تحبّ الفقراء وتميل إليهم وإلى طريق الفقر.

ولم تزل على ما هي عليه حتى توفيت في يوم الأربعاء سادس جماد الأول.

ولها نحو السبعين سنة من العمر أو فوقها.

وجُهّزت وأُخرجت جنازتها، وحضرها السلطان وصلّى عليها تحت طبقة الزمام تجاه باب الحريم السلطاني، ثم حُمل نعشها وهو مُسجَّى بمرقّعة من شعار الأحمدية، وأمام نعشها الأعلام الحُمُر الأحمدية، ولم يُرفع على نعشها البَشْتَخَاناه (٢) بالرماح، على ما جرت به العادة في جنائز أمثالها، وكان ذلك بوصيّة منها، وعُدّ ذلك من نوادرها أيضًا. ودُفنت (بتربة) (٣) الظاهر خُشقدم زوجها، وكثُر أسفه عليها، وصيّر الخَوَند بعدها سريّته أمّ ابنته فرج (٤) المسمّاة بسورباي الموجودة الآن بعصرنا الذي نحن به، الماضي ذكرها.

٣٠٧ - عبد الله بن عبد الرحمن بن النجار الإسرائيلي (٥) الأصل، التِلِمْساني، المالكي.

تقدّم في المتجدّدات كيفية قتله بالقصر من دار الإمارة بتِلِمْسان.

وكان شابًا حسنًا، أظنّه ما بلغ الثلاثين سنة.

وكان يستحضر المسائل العلمية والأدب، وله إلمام بالمباشرة، وناب عن والده في وظيفته، وكان مقرَّبًا من صاحب تِلِمْسان. عوّض الله تعالى شبابه الجنة.


(١) هي زينب ابنة العلاء علي بن محمد الحنفي، وتعرف بابنة ابن خاص بك، وزوجة إينال الأجرود- لم يؤرَّخ لوفاتها في الضوء اللامع ١٢/ ٤٤، ٤٥ رقم ٢٦١.
(٢) البشتخاناه من: بشت تحوير لكلمة بشتدار الفارسية التي تأتي بمعنى كل ملبوس سميك. وهي في النص تعني الراية السميكة التي تُرفع عادة أمام النعش عند التشييع، ويُنسج عليها شعار الطريقة الصوفية التي ينتمي إليها الميت.
(٣) مكرّرة في الأصل.
(٤) ستأتي ترجمتها بعد قليل.
(٥) انظر عن (ابن النجار الإسرائيلي) في: نيل الأمل ٦/ ٢٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>