للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الاستسقاء، وجزم الكثير من الأطبّاء بموته فتركوا معالجته. ثم لما انحبس (١) البَول رأسًا عنه تيقّنوا بموته قريبًا. ثم اتفق أن خرج من ذلك الدم بعد انقطاع الأطباء عنه، وبرأ مما كان به بعد قليل من الأيام، وعاش مدّة سنين بعد ذلك.

حتى توفي بعد ذلك في يوم الجمعة ثاني شوال.

ودُفن بمدرسة سعيد السعداء على أسلافه، وكانت جنازته حافلة، وتأسّف الكثير من الناس عليه لخيره ودينه، وتُؤدته وسكونه، وحُسن سمته، وانجماعه عن الناس، ورياسته وحشمته، وأدبه، ومحاسنه الجمّة.

٣٠٩ - عبد الغفار بن أحمد بن عطية (٢) الطرابلسي، المغربي، المالكي.

الشيخ الصالح، العدل، الرضيّ، الزّكيّ، أبو محمد، شيخ زاوية ابن (٣) عطيّة بطرابلس، ويُعرف هو أيضًا بابن عطية.

ولد بطرابلس الغرب قُبيل التسعين وسبعمائة.

وبها نشأ في كنف أبيه بزاوية جدّه.

وكان والده شيخًا يُلجأ إليه للمُلِمّات والمَهمّات، صالحًا، نيّراً، ذا وجاهة وحرمة، ونفاذ كلمة.

حفظ صاحب هذه الترجمة القرآن العظيم في صِغره، واشتغل فأخذ عن جماعة، وتميّز في فقه مالك رضي الله عنه، وتبع طريق التصوّف على طريقة أهل السُنّة، واستقرّ بعد والده في زاويتهم، وصار له ذِكر وشهرة، وكان مُثريًا ذا أوقاف على زاويته يُقْري الضيفان وينفع الناس، وكان بيده ( … ) (٤) عدالة كِبره ويُقصد للشهادة، فيشهد في الوثائق حسبة للَّه بغير أجر، وكان من أجلّ عدول طرابلس المعتبرين، والعدالة بتلك البلاد من أجلّ المناصب، لا سيما وهذا كان يشهد حسبة للَّه، مع الدين المتين، والورع الزائد، والعفّة والخير والصلاح، وحُسن السمت والهيئة والوجاهة، وفكاهة المحاضرة، والمداومة على الطاعات ونوافلها، والأوراد والأذكار. وكان على مجلسه الأُنس.

رأيته وصحبته وأنا بطرابلس وسمعت الكثير من فوائده، وتردّدت إلى زاويته وداره كثيرًا، وكان يأنس إليّ.

ولم يزل على خير حتى توفي في هذه السنة، ولم يحضرني شهر وفاته.


(١) كتب بإزائها على الهامش: "باطنه مرض ( … )؟ ".
(٢) انظر عن (ابن عطية) في: نيل الأمل ٦/ ٢٤٦ رقم ٢٦٥٧.
(٣) في الأصل: "بن".
(٤) كلمة ممسوحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>