للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٢٢ - • وأمّا والده فهو الفالاتي، وهي صناعة معروفة بالقاهرة تعملها الحلقية.

ولد بدمشق في سنة سبع وسبعين وسبعمائة.

وكان من عوام الناس، وكان له اثنان من الإخوة، عَمّا صاحب الترجمة. أحدهما كان جكارة (؟) ويجالس العوامّ، يجلس في الحلَق حين يتناشدون وهو يسمع، ثم يرجعون إليه في تمييز كلٍّ منهم و ( … ... ) (١)، ويتكسّب بضرب الرمل، وكان مع ذلك حكماً للمصارعين، فهم في المصارعة ( … ) (٢) لكنهم كانوا ليسوا بخالين من الفضيلة والفنون، وانتقل عليّ (٣) مع والده إلى القاهرة في الأحد عشر (٤) وكتب على الوسيمي فانصلح خطّه، ثم عُني بالأدب على طريقتهم، ونظم الفنون حتى صار له شُهرة وذكر فيها، ويد طولى، وعظُم بين أهل فنّه، وصار ككاتب السر للمهاترة، فكان هو الذي يكتب الأوامر التي جرت العادة بكتابتها للمهاترة، مما يصدر عنهم فيما يتعلّق بالقوم، ولهم فيها طريقة غريبة وضوابط في الاصطلاح، ينحون بها نحو التقاليد والتواقيع المكتتبة من ديوان الإنشاء عن السلاطين، وكان له في معرفة ذلك يد طولى وبراعة، وأمعن في هذه الفنون وشُهر بها، حتى صار أديب القاهرة وحكورها، وبعُد صيته في ذلك جدًّا، وكان يتردّد إلى جمال الدين الأستادّار مع عظمة هيئته، وينشده أشياء لنفسه، وكان الجمال يأنس به، وكان يكتب للحافظ ابن (٥) حجر، رحمه الله، بعض ما ينظمه من الأزجال والمواليا، فيجيبه على نظمه، ويعجبه ما يقوله. وكان له حلقة حافلة هائلة تحت شبّاك الصالحية بين القصرين، بعد المغرب، يقف فيها جماعة من المعتبرين، ويتقصّدها الكثير لسماعه، وكان ذا مَلَكة قويّة.

ومن نظمه في بعض أصهاره، وكان حصل له معهم مجافاة:

روحي التي طلبتْ في الحبّ ملّتكُم … مِلتُمْ عليها أشدَّ المَيل ملتكم

ومُذ رأتْ في الخلائق قُبْحَ خِلّتكم … وما رأت قطّ فيكم خِلّ خلتكم

وله أشياء غريبة عجيبة.

وكان ولده صاحب الترجمة نحوًا من أبيه، لكنّه صار من الأعيان من العلماء.


(١) كلمتان ممسوحتان.
(٢) كلمة ممسوحة.
(٣) في الأصل: "عليا".
(٤) الصواب: "وهو في الإحدى عشرة سنة" أو "الحادية عشرة".
(٥) في الأصل: "بن".

<<  <  ج: ص:  >  >>