للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وبالجملة فكان أجلّ من أخذ عنه العلوم العقلية في زمننا هذا، على طريقة ما في كتب هذه الفنون. ولم يزل على ما هو عليه من الخير ونفع الطلبة، حتى بدا له أن يحج في سنة إحدى وسبعين، فتوجّه وجاور التي تليها، ثم عاد في هذه السنة موعوكاً، ونزل بالظاهرية العتيقة، واستمر به الوعك حتى بَغَتَه أجله.

وكان إماماً عالماً، علّامة، فاضلاً، صوفيّاً، خيّراً، ديّناً، يحب أهل الصلاح ويعتقدهم ويتواضع للفقراء، مع شهامة وصرامة على بني الدنيا، وكثرة انجماع عنهم، وكان منطبعاً، لطيف الذات، بديع الصفات، رفيع (١) البشرة، خفيف اللحية، حسن الهيئة والشكالة والسمت والعِشرة، عنده تؤدة زائدة وسكون، وفكاهة محاضرة، وجودة معاشرة، لا سيما مع من يألفه.

وعُرض عليه مرّة تدريس التفسير بالمنصورية، بل ومشيخة المدرسة الباسطية، بل ومشيخة الشيوخ بالخانقاة الشيخونية. وقيل له: تحنَّف، فأبى وقال: إذا فعلت ذلك ثم جئت في العناية، فقال لي الشافعي: تركتَ مذهبي لأجل الدنيا. وقال لي أبو حنيفة: تمذهبتَ لي لأجل الدنيا، ماذا يكون جوابي لهما؟

توفي، رحمه اللَّه تعالى، مبطوناً، شهيداً، في يوم () (٢) مستهلّ صفر، وأُخرجت جنازته وكانت مشهودة، ودُفن بالصحراء بالقرب من سيدي عبد اللَّه المنوفي، رحمهما اللَّه تعالى.

وكان له عظمة في قلوب بني الدنيا، لا سيما الظاهر جقمق. وكان كثير التحرّي في طهارته.

وكان شيخنا العلّامة الكافِيَجي يحبّه ويُثني عليه جدّاً، وعلى غزارة علمه وكثرة فضله.

٥٣٨ - محمد بن موسى بن خَلَف بن عبد الرحيم الفيّومي (٣)، القاهري، الشافعي، ثم الحنفي.

الشيخ العالم، الفاضل، شمس الدين، أحد الصوفية بالخانقاة الشيخونية.

ولد بالفيّوم في سنة خمس وثمانمائة بالفيّوم (٤).

وقرأ القرآن العظيم، واشتغل بالقاهرة، فأخذ عن جماعة من الأكابر، منهم: العلاء البخاري، والشمس الشرواني الماضي قبله، وأُدِّب ودأب وجدّ حتى مهر، وتميّز في فنون، ودرّس وأفاد الطلبة.


(١) هكذا في الأصل. والصواب: "رقيق".
(٢) بياض في الأصل مقدار كلمتين.
(٣) لم أجد للفيومي ترجمة.
(٤) هكذا كرّرها في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>