للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومعنى "الأجا" عندهم: مدبّر الدار، أو صاحب الرأي فيها، وكان إليه المرجع بدار أستاذه وإليه الأمر والنهي فيها، بل وفي غيرها.

وكان إذا اجتاز بأكابر الأمراء العثمانية وأعيانهم أجلّوه وقاموا له. ولما قُبض على أستاذه قُبض عليه أيضاً وامتُحن، وقُّرّر على أموال أستاذه خليل المذكور، ومن جملة ما امتُحن به أن قُلعت له اثنتان (١) من أسنانه ودُقّتا في رأسه بمطرقة، واستُصفي حتى لم يدعوا له إلّا شيئاً يسيراً، وخلص بأخرة نجيّاً، ففر إلى القاهرة، وقدِمها في دولة الظاهر جقمق، فأكرمه وأنزله بديوان الجند السلطاني، وأظنُّه صيّره خاصكيّاً على إقطاع حسن، واشترى لنفسه داراً سكنها على بركة الفيل، وتزوّج بالقاهرة ودام بها إلى أن أدركه أجله.

وكان إنساناً حسناً، حشماً، أدوباً، عاقلاً، عارفاً، خيّراً، ديّناً، محبّاً في أهل العلم وطلبته، لم يَخْلُ من فضيلة، ذا سمت حسن وتؤدة وأدب وصحبة وسكون، وله معرفة تامّة وخبرة بكثير من الأمور، مع شهامة وعفّة. وكان له ذِكر ببلاد الروم وشهرة.

توفي بالقاهرة في هذه السنة، ولم يحضُرني شهر وفاته.

٥٦٨ - •وورثه ولده يوسف، ثم باع داره للبرهان الكرَكي بألف دينار، وشرا ما له السلطان على غالب ظنّي، أو أعانه على ثمنها، وزاد البرهان بها البناء أولاً وثانياً الزيادة التي نكب فيها أو بسببها، وهُدمت. وسافر يوسف هذا لبلاد الروم، وانضمّ إلى السلطان محمد بن عثمان، إليه وأكرمه، وصار له وجاهة بتلك البلاد، ويبلغنا عنه الخير والفضل.

وهو شاب حسن السمت والملتقى، له تؤدة، وعنده معرفة كأبيه، بل وأربى عليه.

وسنّه نحو الأربعين سنة فيما أظنّ.

ومات والده وهو في عشر السبعين.

٥٦٩ - خُشكلدي القوامي (٢)، الناصري.

أحد الطبْلخاناة.

كان من مماليك الناصر فرج بن برقوق، ممن قدم إلى القاهرة في سنة ثلاثٍ وثمانمائة على ما سُمع من لفظه. وكان اسمه حين قدمها: قبجق، لأنه كان


(١) في الأصل: "اثنان".
(٢) انظر عن (خشكلدي القوامي) في: نيل الأمل ٦/ ٤٠٥ رقم ٢٨٤١، وبدائع الزهور ٣/ ٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>