للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جركسيّ الجنس، فغيّر الناصر اسمه لاسم الأروام، لبغضه في طائفة الجركس وأسمائهم، فأراد أن ينفي هذا عنهم مع مَيله إليه، ثم قرّبه وأدناه واختصّ به ورقّاه، حت صيّره خاصكيّاً في دولته، ثم خازنداراً، ودام إلى أن قُتل أستاذه الناصر، فخاف على نفسه وهرب وتشتّت شمله، ثم خدم في أبواب الأمراء بعد أن أهين وامتُحن بالسجن، وقاسى الشدائد وأنواع الفقر والفاقة والقلّة والخمول، وتنقّل في خدمة نوروز وغيره. ثم اتصل بخدمة آقْبَرْدي المِنْقار (١). فلما وُلّي نيابة الإسكندرية صيّره دواداره وقرّبه وأدناه. ثم لما مات المؤيَّد شيخ عاد إلى الديوان السلطاني فنزل مع الجند على عادته قبل ذلك، لكنْ في الجامكية فقط، وذلك بعد موت آقْبَردي أيضاً، وصيّره الأشرف بَرْسْباي خاصكيّاً، أظنّ في أوائل دولته، ودام كذلك حتى تسلطن الظاهر جقمق فأمّره عشرة على إمرة أبي يزيد من صفر خُجا بحكم وفاته. ولم يزل إلى سلطنة الأشرف إينال خُشداشه، فصيّره من الطبْلخاناة عِوَضاً عن سُودُون قراقاش، لما نُقل إلى تقدمة ألف، ودام إلى سلطنة الظاهر خُشقدم، فأمّره على الحاج بالركب الأول، وأراد بذلك عساه أن يستعفي من الإمرة لكِبَر سنّه وعجزه، بل كان قبل ذلك قد عرض له الظاهر بترك الإمرة، بل وبعث بعد ذلك إليه بذلك ويذكر له أنه عاجز، وأن الراحة خير له من الإمرة ومشاقّها، فامتنع من تركها، فأراد إظهار عجزه، بتعيينه إلى الحجاز، فقبل ذلك وتوجّه إليه، وتحمّل جُملاً من الديون بسبب سفره، ومع ذلك فأخرج عنه الظاهر الإمرة (٢) بعد عوده، وأعطاها لطوخ الأبوبكري الزَّرَدْكاش، ولزم خُشكلدي داره عاطلاً عاجزاً، خاملاً، عليه جملة (٣) من الديون لذمّته حين التوجّه إلى الحج. وكان لما حج دائماً ملازماً بالمحفّة لعدم مسكته على الخيل واقتداره على ركوبها. ولم يزل بداره بعد ذلك وهو في قهر لكونه أُخرجت عنه الإمرة إلى أن بَغَتَه الأجل.

وكان إنساناً حسناً، خيّراً، ديّناً، متواضعاً، إلّا أنه كان بخيلاً جداً، شحيحاً.

توفي في ليلة الجمعة ثالث عشرين جمادى الآخرة عن سنِّ عالية.

أظنّه تجاوز التسعين.


(١) انظر عن (آقبردي المنقار) في: السلوك ج ٤ ق ١/ ٤٣١، وإنباء الغمر ٣/ ١٤٨ رقم ٧، والنجوم الزاهرة ١٤/ ٤٦، وعقد الجمان ٣١٢ رقم ٨٦، والمنهل الصافي ٢/ ٤٨٧، ٤٨٨ رقم ٤٩١، والدليل الشافي ١/ ١٣٩، ١٤٠ رقم ٤٩٠، ونزهة النفوس ٢/ ٤٠٧ رقم ٥٦٨، والضوء اللامع ٢/ ٣١٦ رقم ١٠٠٨، ووجيز الكلام ٢/ ٤٥١ رقم ١٠٢٥، والذيل التام ١/ ٥٠٦، ونيل الأمل ٣/ ٣٢٢ رقم ١٤١١، وبدائع الزهور ٢/ ٣٠.
(٢) في الأصل: "الامر".
(٣) في الأصل: "جملها".

<<  <  ج: ص:  >  >>