للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تلتفت إليهم، أو امضِ إلى مكانِ غير هذه الجهة حتى تستريح وتُريح نفسك من هذا الشر الذي أنت فيه، هؤلاء لا يعنون لتداولهم، وأنت بمفردك تعاني النكال والأهوال، وعرّفه أن هذا يؤدّي إلى التشويش البالغ عليه والضرر، ولا زال به حتى قبل كلامه، وتوجّه من وقته من جهة الصليبة، فكأنه أدّاه رأيه إلى الخروج من القاهرة أصلاً، فمرّ إلى الخانقاه السَّرْياقُوسيّة وأقام بها متكدّياً على عادته. فاتفق أن حضر يوسف المذكور إلى الكاتب وأخبره بقضيّة هذا الرجل مع العوامّ على جهة الحكاية، وكيف خلّصه الشهاب بن عُبيد اللَّه منهم، وكان الكاتب يغضّ من ابن (١) عُبيد اللَّه على عادته في الغضّ من كثير من الخلق، لا سيما بني خرقته وطائفته، وخصوصاً من يعرف بلغة التُرك من هذه الخرقة، فوجد له فرصة في الحطّ عليه، وكان يتحظّى عند السلطان الظاهر بإيصال مثل هذه القضايا إليه وإعلامه بذلك، مُظهراً بأنه ممن يقوم في الحق ويأمر بالمعروف ويَنْهى عن المنكر، ليروج بذلك عند السلطان. فلما طلع القلعة على عادته واجتمع بالسلطان لم يحضُرْه ما يُكالم به السلطان ولا ما يحادثه به إلّا هذه القضيّة، فأخذ في إعلام السلطان بها وتعريفه إيّاها. ونسَبَ عليَّ المذكور إلى الكفر ليوطّئ لأمرٍ قصده من ابن (٢) عُبيد اللَّه، ولم يقصد عليّاً بالذات، وإنما قصْده بذلك ابن (٣) عُبيد اللَّه، فنسب في خلاصه لعليّ المذكور إلى أنه أقرّه على الكفر ورضي بذلك ولم ينكر عليه وهو قاضي المسلمين، ليفسد بذلك صورة ابن (٤) عُبيد اللَّه ويروّج نفسه قصداً للأذى. فلما سمع الظاهر ذلك استشاط وغضب على عادته. واتفق أنّ هلّ الشهر وطلع القضاة للتهنئة، فوقع لابن عُبيد اللَّه مع السلطان ما ذكرناه لِما أوصله الشمس الكاتب لذهنه. وكان الظاهر إذا حنق من إنسان أو تغيّظ عليه تفرّغ مجهوده في ذلك مع استشاطة وغياظ، وللملك والمُلك هبّة، فانزعج ابن (٥) عُبيد اللَّه من ذلك من هيبة الملك ومن شدّة ما رآه من تغيّظ السلطان عليه، مع ما ناله من الخجل في ذلك المجلس العام من الحاضرين من بني خرقته وغيرهم، لا سيما مجلس التهنئة بالشهر، فإنه يكون حافلاً، فحصل له بذلك ما أرابه (٦) وداخَلَه الرعب والفزع، فتأثّرت نفسه وبدنه من ذلك وتأذّى وتضرّر.

ذكر لي إنسان من الأشراف من أصحاب ابن (٧) عُبيد اللَّه أنه كان يصرّح في


(١) في الأصل: "بن".
(٢) في الأصل: "بن".
(٣) في الأصل: "بن".
(٤) في الأصل: "بن".
(٥) في الأصل: "بن".
(٦) في الأصل: "مابر".
(٧) في الأصل: "بن".

<<  <  ج: ص:  >  >>