للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأكابر والسلطان، وحصل له بعض وظائف دينية وشيء من المرتّبات، وكان من جملة وظائفه تدريس الشافعية بالمدرسة البرقوقيّة، وغير ذلك. وكان يجالس السلطان، وأخذ بتلك البلاد قبل مجيئه لهذه البلاد عن جماعة من كبار علمائها، ثم أخذ في هذه البلاد عن جماعة، منهم: العلاء القلقشندي، قرأ عليه "الحاوي"، وقرأ "البخاري" على الحافظ ابن (١) حجر، رحمه اللَّه. وكان عنده بعض طيش وخفّة لشهامة كانت عنده بواسطة اعتقاده لنفسه. فاتفق أن حضر شيخنا الشيخ حميد الدين محمد ابن (٢) الشيخ تاج الدين البغدادي النعماني الحنفي، الذي ولي القضاء الحنفية بعد ذلك بدمشق، وكان حضوره من دمشق، فذكر عن شخص من أهل العلم بدمشق شيئاً نسبه فيه إلى ما لا يليق به، فأنكره عليه الكوراني المذكور، ووقع بينهما مقاولة بسبب ذلك، فلم يحتمل الشيخ حميد الدين ذلك وأخذ يشفع عليه. ثم اتفق اجتماعهما عند الكمال بن البارزي كاتب السرّ، فأعيد ذلك الذي كان وقع لهما، ووقع بينهما الشر وزاد، وتقاولا، وبدأ الشيخ حميد الدين الكوراني بقوله: أنت حمار ما تفهم.

فقال له الكوراني: الحمار أنت وأبوك وأجدادك وأسلافك.

قال لي بعض أصحاب الكوراني المذكور: ومُراد الكوراني من ذلك التعريض بحميد الدين بأنه ليس من ذرّيّة الإمام أبي حنيفة رضي اللَّه عنه، فإنه كان يطعن في نسبه على ما سيجيء في محلّه إن شاء اللّه تعالى.

وذكر بعض من له تعصّب أن الكوراني من كثرة بغضه في الحنفية والتعصّب عليهم قال ذلك لحميد الدين.

والذي ظهر لي هو الأول، لأن التعصّب لا يبلغ / ١٢ أ/ مرتبة سبّ الإمام الأعظم رضي اللَّه عنه.

ولما وقع بينهما ذلك فحش الحال فيه إلى أن تعصّب حميد الدين على

الكوراني. وكان شيخنا حميد الدين، رحمه اللَّه، يعاب بمثل ذلك الذي كان

السكات عن القيام في مثله أجمل، وتركه بالكلّية أفضل للعاقل اللبيب، لا سيما إن

كان لغرضٍ دنيوي أو لهوَى نفس، لا واخَذَه اللَّه تعالى بذلك، فإنه شيخنا ولا

نقُل (٣) فيه إلّا خيراً، ولا نودّ له إلّا الخير، لكنّه قام في قضيّة الكوراني قياماً كلّيّاً

وكان سبباً لأذاه، وحرّك جماعة، منهم البدر بن عُبيد اللَّه وشخص آخر كان فقيهاً

لقاصد شاه رُخ ملك العجم الذي قدّمنا ذكره، وكان قد ورد صحبة القاصد


(١) في الأصل: "بن".
(٢) في الأصل: "بن".
(٣) الصواب: "نقول".

<<  <  ج: ص:  >  >>