للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والتقصير، والمعتذر عمّا لا يخفى على الخبير، راجي رحمة ربه الحَكَم العدل، عبد الرحيم محمد المكنّى بأبي الفضل، ولم يذكر لقبه حياءً منه وأدباً، فإنه من أهل ذلك، حفظه الله تعالى.

وقد عرفت من أثناء كلامنا أنه - سلّمه الله تعالى - تلقّب بتقيّ الدين، وهو من نوادر ألقاب محمد أيضاً، واسمه المركّب من عبد الرحيم ومحمد من نوادر الأسماء بهذه البلاد، وهو أيضاً من نوادر الناس، ذو (١) فضل كبير، وعلم غزير، ودين وخير، وسكون وتُؤَدَة، وأدب وحشمة، وتواضع وحُسن سمت، ومحاضرة ومذاكرة ومعاشرة، عارف بأخبار الناس، لا يُملّ منه ولا يُرغَب عنه، منطرح النفس، عديم التكلّف. وكان شيخنا الشيخ نجم الدين القَرْمي كثيراً ما يُثني عليه ويصفه بغزير الفضل والعلم والذكاء والفطنة.

قال حفظه الله تعالى بعدما ذكر ما قلناه ونقلناه عنه أعلاه: مولده في منزل والده بدرب جدّه بشارع القاهرة المحروسة قُبيل التسبيح في ليلة الإثنين المسفر صباحها عن سادس عشر صفر سنة خمس (٢) وعشرين وثمانمائة.

قال - أعني التقيّ المذكور -: كذا رأيته بخط الوالد - تغمّده الله برحمته - ثم قال عن نفسه: حضر عند والده كثيراً، ثم سمع منه وعليه، وقرأ عليه بنفسه كثيراً، ولازم دروسه في العلوم الشرعية والعقلية إلى حين انقطاعه بسبب ضعف موته، وأجازه قبل، وأحضر له إلى المنزل المذكور بسبب وليمة الولادة مشايخ الإسلام: الولوي العراقي، والزين التفهني، وغيرهم، وأجازوا له جميع مرويّاتهم وما لهم من تصنيف وتآليف، وأحضر له المسند العلّامة مُلحِق الأصاغر بالأكابر زين الدين أبا ذَرّ عبد الرحمن الزركشي الحنبلي آخر أصحاب البياتي صاحب الفخري البخاري إلى مسجده، فأسمعه عليه الكثير من "صحيح" الإمام مسلم غير مرة، وأجاز له جميع ما يجوز له روايته، وأسمعه من شيخ الإسلام شهاب الدين أحمد بن حجر العسقلاني قاضي القضاة بالديار المصرية المسلَسَل بالأوليّة سنة أربع وأربعين إلى وفاته، تغمّده الله برحمته. وسمع بقراءته عليه مشايخ الإسلام: العلاء القلقشندي، وابن القطّان، (والشمس بن حسّان، والبرهان بن جعفر، والسراج العبّادي، والتقيّ القلقشندي) (٣) وغيرهم. ثم قرأ بنفسه، وسمع على المشايخ المذكورين في الأبيات التي نظمها إجازة للمقرّ الأشرف الكريم العالي


(١) في الأصل: "ذا".
(٢) في الأصل: "سنة خمسة".
(٣) ما بين القوسين عن هامش المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>