المسمّى تاني بك قرا عين الأمراء المقدَّمين بالديار المصرية لما قرأ عليه من "صحيح" الإمام البخاري في أواخر سنة ست وثمانين وثمانمائة. انتهى.
أقول: والأبيات المذكورة طويلة جدّاً قد كتبها لي بخطّه، وهي فوق الأربعين بيتاً أو نحو الخمسين، وأولها هذا:
ألا بعد حمدي الله في الوِرْد والصدر … وشكري له والفوز للعبد إنْ شَكَرْ
أجازأبو الفضل الوشَاقي محمد … عبد الرحيم الشافعي وقد اشتهر
بسِبط الشريف السبطي السيد أحمد … لسيدنا تاني بك قرا الأشرف المَقر
رواية ما أرويه عمّن أجاز لي … وما لي من جَمْعٍ ونظمٍ وما انتثر
ثم أخذ يذكر مقدار ما أقرأه لتانِبَك المذكور من "البخاري"، ثم ذكر مولده ثم مشايخه إلى أن فرغ من عدّتهم، ثم قال:
فأكرم بهم من أربعين أئمّة … تراهم نجوماً والعراقي كالقمر
قرأت عليهم أو سمعت لما قرئ … وخاض بهم إلّا العراقي للصغر
فمن جملة من ذكر في الأبيات من المشايخ والده، والولي العراقي، والحافظ ابن (١) حجر، والسعد بن الديري، والبدر العيني، والشمس البساطي، والبدر التنيسي، والشمس القاياتي، والعَلَم البُلقيني، والشرف المناوي، والجلال المحلّي، والأمين الأقصرائي، والتقيّ الشُمُنّي، والعزّ عبد السلام البغدادي، وآخرين إلى تمام الأربعين.
ثم ذكر قصيدة أخرى فيها طول. فقال من نظمه في آخر عُمره وسمّاها "شكري الحال قرب الارتحال"، فلنذكر نموذجاً منها، فمن ذلك قوله:
يا ربّ حلّ مشيبي والشبابُ مضى … والجسمُ منّي وهَى والعظْمُ في وَهَنْ
والعيشُ بدَّلَ بعد الصفْولي كَدَراً … والقلبُ بعد سرور عاد في حزن
وقد تبدّلت الأعضاءُ من زمنٍ … مضى بقوّتها ضعفاً من الزمن
وهمّتي نقصتْ والهمُّ زاد وقد … تصرّم العُمُرُ بالأيام والمِحَن
والقلبُ من شَرك الأهواء مُرتبِك … والنفسُ مُنقادة للغَيّ والدخَن
وللممات رسولٌ لجَّ في طلبي … يريد نقلي إلى الأجداث من وطَن
ومنها:
هل عاقلٌ هذه أحوالُ لسَفْرته … يرجو السلامةَ من هولٍ ومن مِحَن
(١) في الأصل: "بن".