للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جرباش، وكان في هذا اليوم في مأتم ابنةٍ له قد ماتت قبل تاريخه بأيام، وكان قد دفنها بتربة جدّها الظاهر برقوق، وهو مشغول بمأتمها. ولما أحسّ بهم قام من وقته فاختفى منهم، لا سيما وكانت زوجته الخَوَنْد شقراء قد أكّدت عليه بأنه (. . . .) (١) لا يدخل بنفسه فيما يتعلّق بسلطنته أصلًا، وقبل منها في اليوم (. . .) (٢) وذكرت أن ذلك خوفًا على ولدها، فإن زوّجها شيخًا كبيرًا لعلّه إذا تسلطن (. . . .) (٣) بالضرورة أن يتسلطن ولده أو لا يتسلطن فإنه يُحمل إلى ثغر الإسكندرية فسُجن بها على عادة أولاد السلاطين، هكذا زعمت، فلما وصل بعض (. . . .) (٤) إلى تربة الظاهر المذكور دخلوا إلى مكان جلوس جرِباش هذا فلم يجدوه فأخبر (. . . .) (٥) فما وقفوا على مكانه، فيقال إنهم سألوا من ولده الناصر محيي عنه، فأجاب بأنه لا يُعرف له مكان، ويقال: إنهم هدّدوه حتى دلّهم عليه، وأشيع بأنه اختفى ببعض الفساقي. والصحيح أنه اختفى بمكانٍ لا يطّلع عليه به إلّا بمشقّة، وإنّما دلّهم عليه (. . . .) (٦).

وما ذكره بعض المؤرّخين (٧) حين ذِكْره هذه الكائنة واختفاء جرِباش وقال إنه اختفى اختفاءً، ليس بذاك كلام ساقط لا طائل تحته، فإنّ جرِباش لم يعد (يمنّي) نفسه بالسلطنة خوفًا من زوجته، لا سيما وقد أمرته أن لا يتسلطن قبل هذا اليوم في فتنة المؤيَّد، وهو أقرب إلى السلطنة من جميع من كان قد حضر ذلك المجلس في ذلك اليوم من الأمراء، فما ظنّك في هذا اليوم، وكان متابعًا لزوجته، مطيعًا لا يخرج عمّا تأمره به، وهذا لا يحتاج منه إلى إقامة البرهان، فإنه أشهر من:

قفا نبْكِ (٨)

ولما ظفر به الجماعة الثائرون (٩) أركبوه من التربة على كرهٍ منه وغصيبة، وأتوا به من جهة باب النصر وقد قامت فتنة وهرجة بالقاهرة، فشقّوا بجرباش هذا القاهرة ومعه جماعة من الأمراء الأشرفية وغيرهم وهم محدقون بين يديه، ومن خَلفه، بل من سائر جهاته، وقد رُفع على رأسه سنجق، وكثير من الغوغاء معه،


(١) مقدار خمس كلمات ممسوحة.
(٢) مقدار كلمة واحدة.
(٣) مقدار أربع كلمات.
(٤) مقدار كلمتين ممسوحتين.
(٥) مقدار ثلاث كلمات.
(٦) مقدار أربع كلمات.
(٧) يعني بذلك المؤرّخ ابن تغري بردي.
(٨) تتمّة الشطر: قِفا نبكي على ذكرى حبيبٍ ومنزِلِ.
(٩) في الأصل: "الثائرون".

<<  <  ج: ص:  >  >>