للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فحفظ القرآن العظيم، ثم "المنهاج" وغيره، واشتغل فأخذ عن جماعة من علماء عصره وأقاربه البُلاقنية (١)، وشارك في فنون، وذُكر بالفضيلة والأدب وتميّز فيه، مع الذكاء المفرط وحُسن الشكالة وبهاء المنظر والهيئة، وفصاحة اللسان، وطلاقة المُحَيا، وجودة النثر، وأظنّه لا نظْم له، وكان يُنْشيء الخُطَب ومجالس الوعظ على أسلوب غريب، وكان يستحضر الكثير من أنواع الآداب، مع شجاوة صوت وطِيب نغمة، وكان إلى خُطَبه المنتهى. خطب بعدّة أماكن، وناب في الحكم، وأفتى ودرّس، ووُلّي عدّة وظائف دينية وتداريس، ثم وُلّي قضاء دمشق عن الجمالى بن الباعوني، وخطابة الجامع الأموي بها.

وكنت حين دخوله إلى دمشق بها، وكان لدخوله إليها يومًا مشهودًا، وكذلك في أول يوم جمعة من دخوله حين خطب بالجامع المذكور، فشنّف الأسماع بخطبته، ثم أعقب ذلك بعد الصلاة بمجلس وعظ حافل جدًّا. سمعت مِن فِيه، وكان ما قاله من إنشائه، فكان إلى ذلك المنتَهَى.

ثم لم تطُل مدّته بدمشق حتى تمرّض فبعث يستعفي من القضاء لأمرٍ أوجب له ذلك، فأجيب إليه، ووُلّي عِوضه القُطب الخيضري. وجرت على صاحب الترجمة أمور آلت به إلى الموت بقدرة المميت جلّ وعلا.

وكان إنسانًا حسنًا، بشوشًا فكِه العشرة والمحاضرة، حسن المذاكرة، كثير التجمّل في مركبه، وملبسه وجميع شؤونه (٢).

ومن آثاره المدرسة التي أنشأها بالقرب من داره، والقاعة التي كانت مُعَدّة لسكنه.

وكان يُذكر عنه أن به علّة الانتصاب، وأظنّها كانت السبب المفضي إلى موته على ما يقال.

توفي في ذي القعدة بعد حضور الولاية للقطب بمدّة يسيرة.

١٢٩ - أحمد بن موسى بن يوسف بن عبد الرحمن بن يحيى بن زكراد بن بَنْدُولس (٣) بن طاع الله بن علي بن قاسم ابن (٤) الشيخ عبد الواحد، الذي كان يقال له عبد الواحد العبد الوادي التلمساني.

السلطان أمير المسلمين، أبو العباس، المعتصم باللَّه بن أبى حمّو بن أبى


(١) في الأصل: "البلاقية".
(٢) في الأصل: "شونه".
(٣) في المجمع المفنّن: أحمد بن موسى بن يوسف بن عبد الرحمن بن يحيى بن أحمد بن أبيض بن زيّان بن (. . .) بن محمد بن زكراد بن بندولس. . . (ج ١/ ٥٨٦ - ٥٨٨ رقم ٥٦٢).
وهو في: الضوء اللامع ١٠/ ٣٤٥، والذيل التام ٢/ ١٥٨، وبدائع الزهور ٢/ ٣٨٠.
(٤) في الأصل: "بن".

<<  <  ج: ص:  >  >>