للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

محتسب القاهرة، وأحد الطبلخاناة، المعروف برصاص.

كان من مماليك الظاهر جقمق، وممّن صُيِّر خاصكيّاً في أيامه. وكان أنْياً لجانِبك نائب جُدّة ومختصّاً به، وسافر معه إلى بندر جُدّة غير ما مرة. ولما جرت كائنة تمراز نائب جدّة المعروف بالمصارع وهربه من جُدّة بمالها على ما أسلفنا ذلك في محلّه. ثم مات تمراز بالحُدَيّدة بعث جانبك تَنَم هذا فأحضر جميع ما ترك تمراز من المال من غير أن ينقص منه شيء (١)، وشُهر من حينئذٍ، ثم ترقّى بعد موت أستاذه في دولة الأشرف إينال بعناية جانِبك أيضًا حتى وُلّي حسبة القاهرة على خاصكية بغير إمرة، مع أنه بذل فيها المال، وغير ذلك من النوادر. ثم لم يزل على ذلك إلى سلطنة الظاهر خُشقدم، فأُمّره عشرة بعناية جانبك، وصار له به مزيد الاختصاص -أعني بجانبك-، وصار أحد أعوانه في كل ما يفعله، وزاد اختصاصه به، وعيّنه الظاهر خُشقَدم في عدّة مهمّات، من ذلك القبض على جانَم نائب الشام، وما قدر على ذلك. ثم أمّره طبلخاناه بسفارة جانِبَك، وزادت شهرته، ولم يكن بالمحمود في حسبته (في بعض الأحوال، على أنه باشرها مباشرة جيدة) (٢)، واستغاث العامّة منه للظاهر خُشقدم غير ما مرة، وأُرجف بصرفه، ثم لم يمكّنه جانبك من ذلك، ولم يزل على ما هو عليه حتى قُتل مع جانبك على العبارة الماضي شرحها.

وكان شاباً حسناً في شكله وهيئته، متجمّلاً، حسن الهيئة والملتقى، ذا أدب وحشمة وتؤدة، ومعرفة بأنواع الفروسية وغيرها، وذا رأي وتدبير وكرم نفْس، فصيحاً باللسان العربي، ذكيّاً، يقِظاً. وقد عرفت غالب تنقّلاته وأحواله فيما تقدّم من المتجدّدات الماضية في السنين الخالية.

وله من الآثار: الجامع بالقرب من داره بالسبع سقايات، وتربة لطيفة بالقرافة بالقرب من مشهد الليث بن سعد (٣) رضي الله عنه، وغير ذلك.

توفي قتيلاً مع جانِبك في يوم الثلاثاء ثاني ذي الحجّة أو مستهَلّها كما تقدّم.

وله من السنّ زيادة على الثلاثين سنة.


=والمجمع المفنّن ٢/ ٣٧٠ - ٣٧٢ رقم ١١٤٦، وبدائع الزهور ٢/ ٤٠٨، ٤٠٩، وصفحات لم تنشر من بدائع الزهور ١٣٠.
(١) في الأصل: "شيئًا".
(٢) ما بين القوسين عن الهامش.
(٣) انظر عن (الليث بن سعد) في: تاريخ الإسلام (حوادث ووفيات ١٧١ - ١٨٠ هـ.) - ص ٣٠٢ - ٣١٥ رقم ٢٤٦ وفيه حشدنا عشرات المصادر لترجمته.

<<  <  ج: ص:  >  >>