للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وثمانمائة، وتملّك بعده ولده إبراهيم هذا، وله فوق الخمس عشرة (١) سنة، ودام ملكه نحوًا من ثلاثٍ وأربعين سنة أو هي.

وكانت الملوك من بني عثمان وملوك مصر دائمًا تضايقه وهو مع ذلك متجلّد (٢). بل ويعيث في بلاد المملكتين في الأحيان، وجُرّد إليه من مصر في أيام الأشرف إينال على ما تقدّم في محلّه. وكان الباش على العساكر المجرَّدة إليه خُشقدم الظاهر الذي مات إبراهيم هذا في دولته، وكان إذ ذاك أمير سلاح على ما مرّ آنفًا. وأمّا ابن (٣) عثمان فجرّد إليه أيضًا غير ما مرة، وخرّب الكثير من بلاده من عسكر مصر في تلك التجريدة التي كان عليها خُشقدم كما تقدّم. ثم وقع الصلح بينه وبين المصريين.

ولم يزل منعَّمًا إلى أن بَغَتَه أجله.

وكان من عقلاء الملوك وضخمائهم. وله أصالة وعراقة ونَبَالة ورياسة، وعنده قلّة شرّ، وله عدل ومعروف، وتؤدة، وحُسن سمت، وسياسة وخبرة تامّة. وكان صحبًّا في أهل العلم، (كثير) (٤) التواضع لهم. وكان من أعرق الملوك أصلًا كابرًا عن كابر حتى يتصل نسبه بالسلطان السلجوقي. كذا ذكره البعض.

وذكر لي بعض أصحابي من التُرك التتار من أهل الفضل والمعرفة أن بني قَرَمان سلطنتهم قبل الإسلام، وأن الكاهن الكبير رأس الأغوز (٥) الذين يقال لهم الغُز بالعربية، وهو الكاهن المسمَّى بقُرقُط، ذكر قَرَمان في كهانته أنه سيكون فيما بعد، ووصفه بأوصاف فوُجدت به.

وقيل: إن أصلهم من ذرّيّة ماينْدُر (٦) أحد الأمراء الكبار لجنكزخان ملك الترك الأعظم. وبالجملة فعواقبهم غير مشكورة، وأصالتهم بالمُلك مشهورة.

توفي إبراهيم هذا في أواخر ذي قعدة أو أوائل ذي حجّة من هذه السنة.

وترك عدّة أولاد، مَلَك منهم بعده ولدُه إسحاق بك. ووقع بينه وبين بقيّة إخوته أحمد وغيره اختلاف.

وكان أحمد من بنت ابن (٧) عثمان ملك الروم، وكان قد تزوّجها صاحب


(١) في الأصل: "فوق الخمسة عشر سنة".
(٢) في الأصل: "متجلدًا".
(٣) في الأصل: "بن".
(٤) مكرّرة.
(٥) الأغوز= الغُزّ.
(٦) يقال له: ما ينْدُر، وباينْدُر.
(٧) في الأصل: "بن".

<<  <  ج: ص:  >  >>