للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رسول اللَّه، وكان يركب الخيول المسوّمة بشعار الوزراء ( … ... … ) (١) ويسلّم الجهلة بالوزارة، ويحضر مع السلطان في يوم الجمعة إلى الجامع، فينزله، ويقف هو على باب الجامع إلى دخول السلطان. وظهرت لهذا اللعين قبائح كثيرة وفضائح ومَظالم، وكثُر تسلط اليهود على المسلمين من أهل فاس بواسطته، فلم تحملهم العامّة، وأبغضوا عبدَ الحق بهذه الواسطة، وتمنّوا زواله. على أن بني وطّاس أيضًا كانوا كثيري المظالم على العباد، لكنْ أولئك وزراء مسلمين، بخلاف هذا اللعين الذي من غير الدين.

ثم اتفق أنْ خرج عبد الحق في هذه السنة من فاس لبعض شؤونه (٢)، ومعه الوزير اليهودي، وقد أقام اليهوديُّ هذا متكلّمًا عنه بفاس، إنسانًا (٣) من اليهود أيضًا من أقاربه أو معارفه، يسمّى شاول بن بطش، وهو ملازم دار السلطنة بفاس الحرير، فاتفق أنْ طلب اليهودي هذا امرأة من شرفاء فاس لقضيّة من القضايا، وأغلظ عليها في الحَول بها، يقال إنه بهدلها بضربٍ أو نحوه، وبلغ ذلك خطيبَ فاس سيدي أبا (٤) عبد اللَّه محمد، وكان والمسلمون (٥) في قهرٍ عظيم من قضية اليهود، وظهورهم وتحكّمهم في المسلمين، وكان دائمًا يعرّض في خطبته في يوم الجمعة بجامع فاس الأعظم، الذي يقال له جامع القَرَويّين، بأمورٍ في حق اليهود، بل ويعرّض بتحريض العامّة، وتشجيعهم، عسى يقومون في هذه القضية للَّه تعالى، وعلَّهم يثوروا فيها، حتى شاع أمره، وذاع في ذلك. ولما وقعت هذه الكائنة من إحضار هذه الشريفة، بايع نفسه للَّه، فخرج من داره وهو رافعٌ صوته بأعلى ما تصل إليه قدرته في رفْعه في شوارع فاس وطُرقاتها، بقوله: من لم يقُم للَّه، فلا مروءة ولا دين له، ويعقب ذلك بقوله: الجهاد، الجهاد، وأمر من ينادي بذلك أيضًا في شوارع فاس، فتسامع العامّة بذلك، فثاروا معه في الحال، واجتمع عليه السواد الأعظم من كل فجٍّ عميق بفاس، وأخذوه قاصدين دارَ الشريف محمد بن عِمران، وهو مزوار الشرفاء بفاس، كنقيب الأشراف بهذه البلاد، ولكنْ مع حُرمة وافرة، وكلمة نافذة، وشهامة ظاهرة، فدخل إليه الخطيب واستشاره معه، فلم يُجبه، واعتذر إليه بأنه لا يُحسن القيام وحده، ولا ينهض بأعباء هذا الأمر مع وجود العلماء بفاس، وقبل أن يستفتوا عن هذه الكائنة، فبادروا إلى علماء فاس وجمعوهم، ومنهم، بل أجلّهم يومئذٍ عالمهم ومفتيها سيدي الشيخ


(١) مقدار ثلاث كلمات ممسوحة.
(٢) في الأصل: "شونه".
(٣) في الأصل: "إنسان".
(٤) في الأصل: "أبو".
(٥) في الأصل: "والمسلمين".

<<  <  ج: ص:  >  >>