للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فاتفق أن هرب واختفى بقرية من ضواحي دمشق، وأُحِسّ به، فقبض جانبك هذا عليه بعد أن بعثه بَرْسْباي إليه، لما بلغه مظنّة اختفائه، وكان هذا سببًا للتنويه بذِكر جانبك هذا بعد ذلك، بأنْ بلغ الظاهر ذلك، فأنعم عليه بإمرة طبْلخاناة بدمشق، ثم تنقّل بعد ذلك حتى وُلّي حجوبية الحجّاب بدمشق بعد بَرْسْباي، وكان قد درّب الحجوبية بواسطة دواداريّته فيها لبَرْسْباي، وباشرها بحُرمة ونفاد كلمة، وأثرى في غضون ذلك، وحصل الأموال الطائلة، وصرف عنها مرة بالناصري محمد بن مبارك، ثم أعيد إليها وبها شُهر، ثم بذل المال حتى وُلّي نيابة صفد، عِوضًا عن تمراز الأشرفي، بحكم هربه فارًّا من صفد، على ما تقدّم ذلك في متجدّدات سنة ست وستين. وكان جانبك هذا قد صرف عن حجوبية الشام أيضًا بابن مبارك، ودام بصفد إلى أن نُقل منها إلى حماة، عِوضًا عن جانبك التاجي، لما نقُل إلى نيابة حلب بعد (١) (وفاة الحاج إينال) (٢)، ودام على نيابة حماة، حتى نُقل منها إلى نيابة طرابُلُس بمالٍ كبير، بذله فيها بعد بَرْسْباي البُجَاسي، لما نُقل منها إلى نيابة الشام، بعد موت تنم، وجانِبك التاجي، على ما تقدّم كتابته في محلّه، ووُلّي هذه النيابات الجليلة، مع عدم التنويه به قبل ذلك بغير حجوبية الحجّاب بدمشق، ولم يل شيئًا من الولايات بالقاهرة، ولا تأمّر بها، بل ولا صُيّر خاصكيًّا بها. ولم يزل على نيابة طرابُلُس حتى بَغتَه الأجل بها.

وكان إنسانًا حسنًا، عاقلًا، ساكنًا، حشمًا، أدوبًا، سَيوسًا، ذا حُسن عشرة ومُداراة وبالجملة فكان لا بأس به.

توفي في يوم الأربعاء حادي عشرين رجب، وقد جاوز السبعين.

وترك أولادًا منهم: قاسم وهو الأكبر، وهو الآن متولّي فُوَّه، بعناية العلاء بن الصابوني بلديّه، ويُذكر فيها بحُسن سيرة وجميل. ومنهم أبو بكر (٣)، وهو أصغر من قاسم، وله نحو الأربعين أو فوقها، وهو عين على قاسم، فإنه من الأمراء بدمشق، وله رياسة وعراقة وثروة، وهو ساكن بدار بَرْسْباي، الناصري الذي كان بها والده في حالة حجوبيّته بدمشق، وعنده بعضٌ من إخوته، ولهم أرزاق كفاية لهم، لكنّهم (٤) تحت كنف أبي (٥) بكر هذا، وهو إنسان حشم أدوب، معدود الآن من أعيان دمشق.


(١) كتب بعدها في الأصل: "جانم الأشرفي لما نقل إلى نيابة" ثم ضرب عليها خطًا.
(٢) ما بين القوسين عن الهامش.
(٣) كتب بجانبها على الهامش: "قاسم وأبو بكر ولدي جانبك الحاجب".
(٤) في الأصل: "للنهم".
(٥) في الأصل: "أبو".

<<  <  ج: ص:  >  >>