للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

رضي الله عنه، من طريق الخلفاء الفاطميّين". انتهى كلامه. أقول: وليس في الانتساب إلى الفاطميين فخر، فإنّ جماعة من كبار علماء الإسلام والمؤرّخين المعتَمَدين أجمعوا على أنّ بني عُبَيد ليسوا بفاطميّين، بل وليس أصلهم من المسلمين، وذكر بعضهم أنّ أصلهم من بني ديصان، طائفة من المجوس. وذكر بعض الثقات أنه أثبت ببغداد محضرًا فيه خط الشيخ أبو (كذا) الحسن القُدُوري الحنفي - وناهيك بعلمه ودينه وخيره -، وخط الإسفراييني الشافعي، وناهيك بالآخر وغزير علمه أيضًا، أنّ بني عُبَيد ليسوا بفاطميّين، وأن عبد اللَّه (كذا) الملقّب بالمهديّ ليس من ذرّية النَّبِيّ - عَلَيْهِ السَّلَام -. وهذا معروف مشهور مسطور مفروغٌ منه، تكلّم عليه الأساتذة الأقدمين (كذا). وممن ذكر ذلك ابن خَلّكان، والذهبيّ، وابن كثير، وغيرهم من المؤرّخين، وتكلّم فيه وصرّح بذلك القاضي أبو بكر الباقلّاني، وغيرهم ممن يُعتَبَر قولهم من الأكابر، وقد أنكر علماء النسب منهم، وما ذكره المقريزي في بعض كتبه من المَيْل إلى ذلك، بل التصريح به على تلك الطريقة التي ذكرها بعد استيعاب كلام الكثير من الأفراد الطاعنين في ذلك يفوق ما ذكره عنهم، ودخوله إلى المقصود بحُسن عبارة بحيث لا يرد عليه سؤال بكلام مُغرض من متعصب لا طائل تحته، وقد أعيب عليه ذلك وارتكابه إياه من ذلك الوجه الذي دخل إليه به غاية الإعابة، وبكّت عليه بعض العلماء في ذلك، وأنه ولهًا به بنفسه، ولا فخر في ذلك في الحقيقة اللهمّ إلّا أن يفتخر بكونهم كانوا طرفًا، فيمكن ذلك على أنهم كانوا بين الملوك لخبثهم الظاهر.

ولما ترجم شيخ الإسلام البدرُ العيني، رحمه اللَّه، التقيَّ هذا قال في أثناء كلامه في ترجمته: وكان مشتغلًا بكتابة التواريخ ويضرب الرمل، تولّى الحسبة بالقاهرة في آخر أيام الظاهر برقوق، ثم عُزل بمسطّره (١)، ثم تولّى مرة أخرى في أيام الأمير سودون بن أخت الظاهر برقوق، ثم عُزل بمسطّره الدوادار الكبير أيضًا عِوضًا عن مسطّره بحكم أن مسطّره عزل نفسه بسبب ظلم سودون المذكور. انتهى.

ولما ذكر [ا]، بن تغري بردي ترجمة التقيّ هذا نقل عن العيني صدر هذا الكلام وهو قوله: وكان، إلى قوله: الرمل، ثم قال عقيب ذلك: وكلام الأقران في أقرانهم غير مقبول. انتهى. أقول: وهذا لعلّه كلام مهبول، إذ هو في غاية السفالة وقلّة الأدب والحياء وعدم المعرفة، إذ لا نسلّم أنّ كلام الأقران في أقرانهم غير مقبول، لأنَّه إن لم يُقبل كلام من كان مقارنًا للإنسان عارفًا بأحواله، فلا يُقبل كلام


(١) أي البدر العَيني، وكذا ما يأتي بعده.

<<  <  ج: ص:  >  >>