للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

غيره بطريق الأَولى. وفي هذا من الفساد ما لا يخفى. وأيضًا كلام العيني في المقريزي كلام ليس بطائل حتى لا يقبل بعلمنا قطعًا بصدق ما قاله، فإنّ أحدًا لا ينكر كون المقريزي كان يكتب التاريخ ويعرف علم الرمل ويضرب، فكيف لا يُقبل هذا وليس فيه ما يشين المقريزي ولا ما يُنقصه، حتى لو ذكر العيني عن المقريزي ما ينقصه قبلْناه لعِلْمنا بثقته، فكيف بكلام مقبول عند الكافّة يعرف صخته كل أحد، فلا شك أنَّ هذا القول صادر عن غير مسلّمه. والجمالُ هذا مثل هذا، وأشباهه شيئًا كثيرًا (كذا) يكاد لا يُحدّ ولا يُعدّ. وإنّما الموجب لارتكابه عدم التأمّل ومعرفة قواعد التكلّم وما يرد على ذلك" (١).

ثم وصفه بعد قليل بالوهم، وهو يؤرّخ لوفاة المقريزي، فقال: "وذكر شيخ الإسلام العيني وفاته يوم الجمعة وقال: تاسع عشر شعبان، وهو سهوٌ منه في العدّة، ولعلّه سبْق قلم في الشهر، أراد أن يكتب رمضان، فسبقه القلم، فكتب: شعبان، وبقي كذلك. وأمّا وهْمه في اليوم فلِكَونه دُفن فيه فظنّه يوم وفاته. قال ابن تغري بردي إنه توفي يوم الخميس سادس عشر رمضان، ثم ذكر ما قاله العيني ووفَمَه، والحال إنه هو الواهم، فإنّ أول رمضان في هذه السنة كان الأحد أو السبت على ما وقع فيه من الخلاف" (٢).

وفي ترجمة "تَنِبَك الجقمقي" المتوفّى سنة ٨٤٩ هـ. نَعَت "ابن تغري بردي" بالجهل، وشكّك في وفاة "تَنِبك" هذه السنة، وذكر ما يؤيّد جواز كتابة: "تنِبك" و"تاني بك" ومثل ذلك: "جانِبَك" و"جاني بك" فقال: "وقد غلّطه ابن تغري بردي" في هذه - أعني جانبك - حيث لم يجوّز كتابتها بالياء، وأمعن في ذلك في كتابه الذي سمّاه "مورد اللطافة"، ونسب الناس إلى الجهل، وهو الواقع فيه، على أنه كان يعرف اللغة التركية، لكنْ لجمود ذِهنه يقف عند ما يقع في نفسه في أول وهلة فلا ينتقل إلى غيره، بل ولا يخطر بباله" (٣).

وعندما ذكر "ابن تغري بردي" ولاية "شمس الدين القاياتي" في سنة ٨٤٩ هـ. قال: "وظنّ كل أحدٍ أنه يسير في القضاء على قاعدة السَلَف لِما عهدوا منه قال: وقع بخلاف ما كان في الظنّ، ومال في المنصب وراعى الأكابر، وأكثر من النواب، وظهر منه المَيْل الكلّي إلى الوظيفة حتى لو عُزل منها لمات أسفًا عليها. انتهى كلامه". فعلّق المؤلف بقوله: "هو كلام في غاية الفضول وقلّة الأدب


(١) الروض الباسم، ١/ ورقة ٥١ ب، ٥٢ أ.
(٢) الروض الباسم، ١/ ورقة ٥٢ أ.
(٣) الروض الباسم، ١/ ورقة ٥٣ أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>