للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والحياء لا طائل تحته، إذ عِلْمُ القاياتي وخيرُه ودينه وتقشّفه وعِفّته ظاهرٌ لكل أحد، وليس مقام ابن تغري بردي أن يذكر مثل هذه الكلمات عن ذلك الرجل" (١).

وفي حوادث شهر رمضان سنة ٨٦٥ هـ. قال المؤلّف: "وخرج شهر رمضان هذا ولم يقع فيه بعد يوم الإثنين هذا حادثٌ يؤرَّخ من كبيرِ أمر، وما ذكره الجمال يوسف بن تغري بردي في تاريخه من أنّ في يوم الثلاثاء ثامن عشرينه توجّه القاضي مُحِبّ الدين بن الشِحنة كاتب السرّ إلى خانقاه سرياقوس لتحليف جانم نائب الشام، فلم نعلم به، ولم يكن له حقيقة. ثم إنني رأيت خط المحبّ وقد وقف على هذا المحلّ من تاريخ يوسف المذكور، فكتب بخطه بإزاء ذلك المحلّ: ما جرى ذلك، وما علمتُ من أين أخذ ذلك، وتوهّمه، على أنه ليس بوهْم، بل كذب محض" (٢)!.

ويعلّق على قوله إن جَرباش اختفى في أثناء ثورة الأشرفية، فيصفه بالقول الساقط الذي لا طائل تحته، فإنه لم يعُد يمنّي نفسه بالسلطنة خوفًا من زوجته فهي أمرته أن لا يفعل ذلك وكان متابعًا لها ولا يخرج عن أمرها وقد ظفر به الثائرون وأركبوه وشقّوا به القاهرة دون رغبته ورفعوا فوق رأسه السنجق، وسُمع صوت يقول: اللَّه ينصر الملك الناصر، وكأنهم لقّبوه بذلك. وشاهدته أنا في اليوم هذا في ذلك الحين بباب الأشرفية وشاهدته على الهيئة المذكورة ومعه جماعة عدّة بآلة الحرب والسلاح المشهور (٣)!

وعلّق المؤلّف طويلًا على ما كتبه "ابن تغري بردي" بحقّ السلطان الأشرف إينال في ترجمته ووفاته في سنة ٨٦٥ هـ. حول كتابة "إينال" العلامة على المناشير وأنه لم يهتد إلى ذلك، فأكّد المؤلّف أنه كان يُكتَب له بالقلم الرفيع العلامة وهو يعيد على ذلك بقلم العلامة الغليظ، وأن "ما ذكره بعض المؤرّخين - ويعني ابن تغري بردي - من أنه كان يُنَقَّط له ثم يعيد هو على النُقَط فوهِمَ، بل كان يُكتَب له كما ذكرناه، وكذا ما ذكره أنه لم يهتد إلى ذلك مدّة سلطنته، بل اهتدى على ما بيّنّاه في المراسيم، ولم يُعِدْها بخلاف المناشير، فإنّ العلامة فيها: "اللَّه أملي"، فكأنها كانت بعيدة عن ذهنه، ولأنها كانت قليلة الكتابة بخلاف المراسيم، فإنها متكرّرة كثيرًا. وذكر هذا المؤرّخ أيضًا عنه أنه لم يكن عفيفًا عن الفروج، بل قال عنه إنه ربّما اتُّهم بحُبّ المُرْد، وإنه كانت أحكامه غالبة مناقضة للشريعة ( … )،


(١) الروض الباسم، ١/ ورقة ٣٢ ب.
(٢) الروض الباسم، ٢/ ورقة ٢٢ أ.
(٣) الروض الباسم، ٢/ ٢٥ أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>