للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وغيرهما من الأكابر، وسمع الحديث منهما ومن الزين القرافي، والنور الهيثمي، وآخرين، ودأب وجدّ حتى تميّز وشُهر، لا سيما في الفقه والأدب، وأفتى ودرّس، ووُلي القضاء الأكبر بدمشق، ثم تعفّف عنه بأخرة، ودُعي إليه غير ما مرة بعد ذلك، وبُعث إليه بالولاية فامتنع، ووليها أخوه الجمال يوسف (١) الآتي في محلّه في وفيات سنة ثمانين وثمانمائة إن شاء الله تعالى، وكان بيده عدّة وظائف دينية، منها خطابة جامع دمشق، ومشيخة الباسطية. وله في ذلك نادرة كادت أن تكون أو كانت من كراماته، لعلّها تقدّمت في ترجمة عبد الباسط (٢) في وفيات سنة أربع وخمسين (٣)، وولي عدّة تداريس جليلة أيضًا، وكان مفتي دمشق وإليه المرجع بها لا سيما بأخرة، وكان له يد في العربية، وخمّس "ألفيّة" ابن مالك، فزادها ألفًا وخمسمائة بيت (٤) كلّها فوائد نحوية ومسائل زائدة على ما في "الألفيّة"، حتى عُدّ ذلك من نوادره. وله عدّة مصنّفات أُخَر، ونظْم جيّد، ونثر حَسَن. وكان أحد علماء الأدب، بل عينهم ورأسهم بدمشق.

فمن نظمه ما كتبه في إجازة الوالد، وفيه جناس:

سل الله ربَّكَ ما عنده … ولا تسأل الناسَ ما عندهم

ولا تبتغي من سواه الغِنَى … وكن عبده لا تكن عبدهم

ومنه قوله:

إذا استغنى بنو الدنيا بمالٍ … لهم جَمٌّ فكُن بالعلم أغنى

وإن مالوا إلى الإكثار فاقنعْ … فإنّ القنْعَ كنزٌ ليس يَفْنَى

ومنه وفيه تضمين:

سَلِّم إلى الله في كل الأمور وثِقْ … به ولا تكُ في البأساء ذا هلَعِ

وماءُ وجهك صِنْه لا تُرِقْه ولا … تذلّ يومًا لمخلوقٍ على طَمَعِ

ومنه، وفيه لزوم ما لا يلزم مع الجِناس:

لا تعلِّق بامريء من سائر الناس رجاءك … وإلى ربّك فاجعل في المهمّات التجاءك


(١) انظر عنه في: نيل الأمل ٧/ ١٣٧، ١٣٨ رقم ٢٩٩١ وفيه مصادر ترجمته.
(٢) هو عبد الباسط بن خليل بن إبراهيم، ناظر الجيش وعظيم الدولة الأشرفية البرسبائية. انظر عنه في نيل الأمل ٥/ ٣٢١ رقم ٢٢٢٧ وفيه مصادر ترجمته.
(٣) ضاعت مع ما ضاع من الجزء الأول من المخطوط.
(٤) في الأصل: "بيتًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>