للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عجيبة، وبلغ صاحبَ الترجمة ذلك فقامت قيامته، وكان بشيراز، فاستأذن والدَه وجمع جموعًا وافرة، وقصد العراق، فاتفق قتْل المشعشع علي هذا في يوم وروده لبلاده، يقال بدسيسة منه لإنسان من الكُرد، على ما عرفتَ ذلك في ترجمة عليّ هذا فيما تقدّم، ثم عاد إلى بغداد فملكها واستلاش والده، لا سيما وقد فعل أفعالاً أوجبت له تعظيم نفسه، فاستبدّ يملك بغداد من غير مشاورة أبيه ولا مراجعته في الأمور. وبلغ جهان شاه ذلك، فقصده، فلم ينجح، بل قصده غير ما مرة، ووقع منهما أمور ووقائع وخطوب يطول الشرح في ذكرها، آل الأمر بأخرة أن نازل بغداد وحاصره بها مدّة نحو الثلاث سنين، وهو في غاية القوّة، والمنعة الزائدة، والعظمة، لتحصينه بغداد، خوفًا من مثل هذه الكائنة، وانجراره في بنائها. ثم آل أمره مع أبيه بعد هذه المحاصرة العظيمة إلى المصالحة. ورحل جهان شاه عنه عائدًا، ثم أُغري به بعد عَوده، فأعاد إليه أخاه محمدًا بحيلة، واطّلع صاحب الترجمة عليها، فقاتله لما علم مقصده بأنه ما جاء إلّا لأخذه. وآل أمره إلى أن طِيف به، فقتله في هذه السنة، وما حرّرتُ شهر قتْله، وأراح الله تعالى منه العباد والبلاد، فلا رحم الرحمن تربةَ قبره، ولا زال فيها مُنكَر ونكير.

٢٩٨ - تغري بَرْمش (١) السيفي قَراقُجا الحسني.

أحد العشرات ورؤوس (٢) النُوَب.

كان من مماليك قراقجا الحَسَني (٣) الأميراخو [ر] الكبير، الماضية ترجمته في سنة ثلاثٍ وخمسين وثمانمائة.

وأصل تغري بَرْمش هذا من سبْي قبرس لما خرج قَراقُجا أستاذه إليها لغزوها في أيام الأشرف [بَرْسْباي]، وكان إذ ذاك من العشرات، وملكه بالسَّبْي فيما أظنّ، وقرّبه واختصّ به، ورقّاه بعد ذلك إلى أن صيّره دواداره، وتنقّلت به الأحوال بعد موته، حتى تأمّر عشرة في دولة الظاهر خُشقَدم، لأيادٍ كانت له على خُشقَدم هذا من قبل وصُحبته، فراعاها له، ودام على إمرته حتى بَغَتَه أجَلُه.


(١) انظر عن (تغري برمش) في: النجوم الزاهرة ١٦/ ٣٤٩، ٣٥٠، والضوء اللامع ٣/ ٣٤ رقم ٢٤٤، ونيل الأمل ٦/ ٢٤٦ رقم ٢٦٥٥.
(٢) في الأصل: "روس".
(٣) انظر عن (قراقُجا الحَسَني) في: النجوم الزاهرة ١٥/ ٥٤١، وفيه: "قراخُجا"، وحوادث الدهور ١/ ٢٠٤ و ٢٣٥، ٢٣٦ رقم ١٣، والتبر المسبوك ٢٨٣، ووجيز الكلام ٢/ ٦٣٤ رقم ١٤٨٠، والذيل التام ٢/ ٥١، ٥٢، والضوء اللامع ٦/ ٢١٦ رقم ٧٢٢، وبدائع الزهور ٢/ ٢٧٣، ونيل الأمل ٥/ ٢٨١ رقم ٢١٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>