للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٢٦ - منصور بن الصفي (١).

الأمير، الوزير، الصاحب، شمس الدين.

ولد بُعيد الثلاثين وثمانمائة بالقاهرة، وبها نشأ.

وتنقّلت به الأحوال حتى وُلّي الأستادّارية والوزارة غير ما مرة، وكان معظَّمًا لدى خُشقدم الظاهر، ونزل إلى داره مرة، وآل أمره أن غضب عليه، لا سيما لما واجهه بقوله: أغضبتُ اللهَ وأرضيتُك، هذا جزائي منك، أستحق أكثر من هذا. وعُدّ ذلك من نوادر منصور، ومن اعترافه بالحق على النفس، حتى سمعت بعضاً من أرباب القلوب يذكر عن منصور هذا أنه لعلّه ينال عند الله تعالى ورضاه بهذا الكلام الحق عند السلطان الجائر. ولم يزل في تَوَلِّ وإدبار، ومِحَن وشدائد، وضرب بالمقارع غير ما مرة، وعُصِر وامتُحن وقاسى الأهوال، إلى أن آل به الأمر أن ادُّعي عليه بأمور شنيعة بتمالي (٢) جماعة من أهل الدولة والسلطان والقاضي، فيما أشيع ذلك، وكان الذي أثبتوه عليه أنه يُبطن الكفر ويُظهر الإيمان، وأنه يسرح في الأرض بالفساد، وأنه يستحل المال الحرام، وأحضروا بيّنة بذلك، يقال إنهم يلفّقون مرتشين (٣) من أعدائه بأموال كثيرة بذلوها لهم. وآل الأمر في ذلك أن أُخرج من محبسه، وأُحضر إلى تجاه شبّاك الصالحية، وقد ازدحمت العامّة، وهم يرأفون به ويتأسّفون لِما جرى عليه، بل ويصرّحون بأنه مظلوم مُمَالأً عليه، حتى من السلطان والقاضي، وأخذ هو في الشهادتين، ولم يقطع بلفظه بهما، وهو يكرّر ذلك بتؤدة وسكون زائد، من غير قلقٍ ولا توهّج ولا انزعاج ظاهر، وأخذ في تفكيك أزراره بيده، وجلس للقتل جلوساً متمكّناً نحو العشرة درج (٤)، وهو لا يتحرّك ولا يضطرب، حتى ضُربت عنقه.

وذلك في يوم الأربعاء العشرين من شوال، وله دون الأربعين سنة.

وحُمل وصلّى عليه جماعة وشهدوا جنازته، وكثُر التأسّف والترحم عليه.

٣٢٧ - يوركلي كوز (٥) الجركسية.


(١) انظر عن (ابن الصفيّ) في: النجوم الزاهرة ١٦/ ٢٩٤ و ٣٤٩، والضوء اللامع ١٠/ ١٧٠، ١٧١ رقم ٧١٦، ووجيز الكلام ٢/ ٧٨١ رقم ١٨٠٠، والذيل التام ٢/ ١٩٨، ونيل الأمل ٦/ ٢٤٣ رقم ٢٦٥١، وبدائع الزهور ٢/ ٤٣٩، ٤٤٠.
(٢) الصواب: "بتملُّؤ".
(٣) في الأصل: "مُرتشون".
(٤) الصواب: "نحو العشر درجات".
(٥) انظر عن (يوركلي كوز) في: نيل الأمل ٦/ ٢٤٣، ٢٤٤ رقم ٢٦٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>