للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فرَجَعَ بها رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَرجُفُ بَوادِرُه (١) حَتَّى دَخَلَ على خَديجَةَ - رضي الله عنها - فقالَ: "زمِّلونِى زَمِّلونِى". فزَمَّلوه حَتَّى ذَهَبَ عنه الرَّوعُ، ثُمَّ قال لِخَديجَةَ: "أىْ خَديجَةُ، مالِى؟ ". وأَخبَرَها الخَبَرَ، قال: "لَقَد خَشِيتُ على نَفسِى". قالَت له خَديجَةُ: كَلا، أبشِرْ فواللَّهِ لا يُخزيكَ (٢) اللَّهُ أبَدًا؛ واللَّهِ إنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَصدُقُ الحديثَ، وتَحمِلُ الكَلَّ، وتَكسِبُ المَعدومَ، وتَقرِى الضَّيفَ، وتُعينُ على نَوائبِ الحَقِّ. فانطَلَقَت به خَديجَةُ - رضي الله عنها - حَتَّى أتَت به ورَقَةَ بنَ نَوفَلِ بنِ أسَدِ بنِ عبدِ العُزَّى بنِ قُصَىٍّ - وهو ابنُ عَمِّ خَديجَةَ ابنُ أخِى أبيها، وكانَ امْرَأً تَنَصَّرَ في الجاهِليَّةِ، وكانَ يَكتُبُ الكِتابَ العَرَبِىَّ، ويَكتُبُ مِنَ الإنجيلِ بالعَرَبيَّةِ ما شاءَ اللَّهُ أن يَكتُبَ، وكانَ شَيخًا كَبيرًا قَد عَمِىَ - فقالَت له خَديجَةُ: أىْ عَمِّ، اسمَعْ مِنِ ابنِ أخيكَ. قال ورَقَةُ بنُ نَوفَلٍ: ابنَ أخِى، ماذا تَرَى؟ فأَخبَرَه رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَبَرَ ما رأى، فقالَ له ورَقَةُ: هذا النّاموسُ الَّذِى أُنزِلَ على موسَى، يا لَيتَنِى فيها جَذَعًا (٣)، يا لَيتَنِى أكونُ حَيًّا حينَ يُخرِجُكَ قَومُكَ. قال رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أوَمُخرِجِىَّ هُم؟ ". قال ورَقَةُ: نَعَم، لَم يأتِ رَجُلٌ قَطُّ بما جِئتَ به إلَّا عُودِىَ، وإِن يُدرِكْنِى يَومُكَ أنصُرْكَ نَصرًا مُؤَزَّرًا (٤). رَواه مُسلِمٌ في "الصحيح" عن أبي الطّاهِرِ، وأَخرَجَه البخاريُّ مِن


(١) البوادر: جمع بادرة، وهى اللحمة بين المنكب والعنق. مشارق الأنوار ١/ ٨٠.
(٢) في حاشية الأصل: "يحزنك".
(٣) الجذع: الصغير من البهائم، كأنه تمنى أن يكون عد ظهور الإسلام شابًّا. فتح الباري ١/ ٢٦.
(٤) أخرجه أحمد (٢٥٢٠٢) من طريق يونس به. والترمذي (٣٦٣٢)، وابن حبان (٣٣) من طرق عن الزهري به.