نستطيع القول بأن "كتاب السنن الكبير" ليس مجرد مدونة حديثية -وإن كان من أكبر مدونات الحديث- لكنه مع ذلك حديثُ متفقهٍ، فالقضية الفقهية والحكم الذي يستنبط من الحديث مسألة حاضرة في كل صفحة من الكتاب.
والبيهقي وهو يقدم هذا الجهد الحديثى العظيم، والصنعة الحديثية الفائقة، والنفس الطويل في الدراسة والتحليل، الذي تعامل به مع الروايات والطرق والألفاظ، كل ذلكم كان بروح الباحث، الذي يبين ويؤكد نتيجة توصل إليها من بحث طويل، هي رجحان مذهب الشافعي الفقهى على غيره من المذاهب.
ونجده في هذا يسير على طريقة البخاري رحمه الله، في إبراز فقهه في تراجمه وسياق الأحاديث كالحجج لها، وكما فعل الطحاوي في تصنيفاته الحديثية حيث يورد الأحاديث ويوجهها بما يؤيد مذهب أصحابه الحنفية.
ومن أجل ذلك فإن أول ما نلحظه في ترتيبه للكتاب هو أنه رتبه على أبواب الفقه كما رتبها المزنى في "مختصره"، ولعل السر في ذلك يرجع إلى ما ناله هذا المختصر من شهرة واسعة في المذهب الشافعي، ولإعجاب البيهقي به رتب أكثر من كتاب من كتبه على ترتيبه، حتى كتابه "نصوص الشافعي"، فقد رتبه أيضًا ترتيب "المختصر".
وقد قسم الكتاب إلى كتب كلية مثل كتاب الطهارة، ... ثم قسم الكتاب إلى وحدات أصغر منه وهي مجموعات الأبواب المتعلقة