فإِجماعُ أهلِ العِلمِ على أن جِنايَةَ العَبدِ في رَقَبَتِه يَدُلُّ، واللَّهُ أعلمُ، على أن الجِنايَةَ كانَت خَطأً، وأنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - إنَّما لَم يَجعَلْ عَلَيه شَيئًا؛ لأنَّه التَزَمَ أرشَ جِنايَتِه، فأعطاه مِن عِندِه مُتَبَرِّعًا بذَلِكَ، وقَد حَمَلَه أبو سُلَيمانَ الخَطّابِيُّ رَحِمَه اللهُ على أن الجانِيَ كان حُرًّا، وكانَتِ الجِنايَةُ خَطأً، وكانَت عاقِلَتُه فُقَراءَ فلَم يَجعَلْ عَلَيهِم شَيئًا؛ إمّا لِفَقرِهِم وإِمَّا لأنَّهُم لا يَعقِلونَ الجِنايَةَ الواقِعَةَ على العَبدِ إن كان المَجنِيُّ عَلَيه مَملوكًا، واللَّهُ أعلمُ.
قال الشيخُ رَحِمَه اللَّهُ: وقَد يَكونُ الجانِي غُلامًا حُرًّا غَيرَ بالِغٍ، وكانَت جِنايَتُه عَمدًا، فلَم يَجعَلْ أرشَها على عاقِلَتِه، وكانَ فقيرًا فلَم يَجعَلْه في الحالِ عَلَيه، أو رآه على عاقِلَتِه فوَجَدَهُم فُقَراءَ، فلَم يَجعَلْه عَلَيه لِكَونِ جِنايَتِه في حُكمِ الخَطأَ، ولا عَلَيهِم لِكَونِهِم فُقَراءَ، واللَّهُ أعلَمُ.
بابُ العاقِلَةِ
قال الشّافِعِيُّ رَحِمَه اللَّهُ: لَم أعلَمْ مُخالِفًا أن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَضى بالدّيَةِ على العاقِلَة، وهَذا أكثَرُ مِن حَديثِ الخاصَّةِ (١).
وقَد ذَكَرناه مِن حَديثِ الخاصَّةِ.
١٦٤٤٩ - أخبرَنا أبو عبد اللهِ الحافظُ وأبو زَكَريّا بنُ أبي إسحاقَ المُزَكِّي وأبو بكرٍ أحمدُ بن الحَسَنِ القاضِي وأبو سعيدِ بن أبي عمرٍو قالوا: حدثنا أبو العباسِ محمدُ بن يَعقوبَ، حدثنا بَحرُ بن نَصرٍ، حدثنا ابنُ وهبٍ، أخبرَنِي يونُسُ، عن ابنِ شِهابٍ، عن سعيدِ بنِ المُسَيَّبِ وأبِي سلمةَ بنِ