للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وكَذَلِكَ إن كان زَبيبًا وتَمرًا فهو مِثلُه، ومِنَ الأشرِبَةِ المُنَصَّفُ؛ وهو أن يُطبَخَ عَصيرُ العِنَبِ قبلَ أن يَغْلِىَ حَتَّى يَذهَبَ نِصْفُه، وقَد بَلَغَنِى أنَّه يُسكِرُ؛ فإِن كان يُسكِرُ فهو حَرامٌ، وإِن طُبِخَ حَتَّى يَذهَبَ ثُلُثاه ويَبقَى ثُلُثُه فهو الطِّلاءُ، وإِنَّما سُمِّىَ بذَلِكَ لأنَّه شُبِّهَ بطِلاءِ الإبِلِ في ثُخْنِه وسَوادِه، وبَعضُ العَرَبِ يَجعَلُ الطِّلاءَ الخَمرَ بعَينِها، يُروَى أن عَبيدَ بنَ الأبرَصِ قال في مَثَلٍ له:

هِىَ الخَمرُ تُكنَى الطِّلا ... كما الذِّئبُ يُكنَى أبا جَعدَهْ (١)

قال: وكَذَلِكَ الباذَقُ وقَد يُسَمِّى به الخَمرُ والمطبوخُ؛ وهو الَّذِى يُروَى فيه الحَديثُ عن ابنِ عباسٍ أنَّه سُئلَ عن الباذَقِ فقالَ: سَبَقَ محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - الباذَقَ، وما أسكَرَ فهو حَرامٌ. وإِنَّما قال ابنُ عباسٍ ذَلِكَ لأنَّ الباذَقَ كَلِمَةٌ فارِسيَّةٌ عُرِّبَت فلَم يَعرِفْها (٢).

وذَكَرَ أبو عُبَيدٍ أسماءً سِواها، ثُمَّ قال: وهَذِه الأشرِبَةُ المُسَمّاةُ عِندِى كُلُّها كِنايَةٌ عَن اسمِ الخَمرِ، ولا أحسِبُها إلَّا داخِلَةً في حَديثِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ ناسًا مِن أُمَّتِى يَشرَبونَ الخَمرَ بِاسمٍ يُسَمّونَها به". قال: ومِمّا يُبَيِّنُه قَولُ عُمَرَ بنِ الخطابِ: الخَمرُ ما خامَرَ العَقلَ (٣).

بابٌ: ما أسكَرَ كَثيرُه فقَليلُه حَرامٌ

١٧٤٦٢ - أخبرَنا أبو الحُسَينِ علىُّ بنُ محمدِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ بِشْرانَ


(١) أبو عبيد في غريب الحديث ٢/ ١٧٧.
(٢) أبو عبيد في غريب الحديث ٢/ ١٧٨، وفيه: نعرفها. والباذق: تعريب باذه. الفائق ١/ ٩٠.
(٣) أبو عبيد في غريب الحديث ٢/ ١٧٨ - ١٨٠.