حين كان الشروع في وضع تصور لما يمكن أن يكون عليه العمل في تحقيق هذا الكتاب الجليل، كانت أولى النقط التي أخذت في الحسبان هي ما يحتويه من مادة علمية، لتحديد العمل اللازم لتحقيقه بشكل شامل، وما ينبغى الاعتناء به بشكل خاص. ولما كان هذا الكتاب من أكبر كتب الحديث والآثار، كان الواجب في المقام الأول، هو تحرير سياقاته وتدقيق ألفاظه مبنى وضبطا ومعنى.
وكانت كتب السنة هي المرجع الأول في ضبط هذه المرويات التي تضمنها الكتاب؛ للحذو حذو ما حرره العلماء والاستضاءة بجهدهم الذي بذلوه، إلا أن سياق البيهقي لرواياته غالبا ما يتضمن زيادة أو تغييرا عن روايات غيره من المصنفين، حتى تلك الروايات التي ساقها بأسانيده من طرق الأئمة المصنفين قبله، كأحمد وأبي داود وابن أبي شيبة وغيرهم. وكذلك وهو يُتبع روايته بذكر رواية صاحبى الصحيحين لهاـ ولا يلزم من ذلك أن يتطابق لفظ روايته مع ألفاظ رواياتهم. ولذلك -مع وجود الرواية- فإن ضبط سياق البيهقي قد احتاج لجهد غير مسبوق، خاصة حين نجد الطبعة، بل الطبعات، للكتب التي أخرجت الروايات خالية من ضبط اللفظ وتدقيقه.
وقد أوضح العمل في "كتاب السنن الكبير" مدى القصور الواقع في