للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قُلتُ: نَعَم. قال: ما رأيتُكَ مُنذُ حَمَلتُكَ إلَى أُمِّكَ بذِى طُوًى؛ إذ وضَعَتكَ فرأيتُ قَدَمَيكَ فعَرَفتُهُما. قال: قُلتُ: جِئناكَ نَسأَلُكَ عن قَتلِ حَمزَةَ. قال: سأحَدِّثُكُما كما حَدَّثتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إذ سألَنِى؛ كُنتُ عبدًا لآلِ مُطعِمٍ، فقالَ لِى ابنُ أخِى مُطعِمٍ: إن أنتَ قَتَلتَ حَمزَةَ بعَمِّى فأَنتَ حُرٌّ. فانطَلَقتُ يَومَ أُحُدٍ مَعِى حَربَتِى، وأَنا رَجُلٌ مِنَ الحَبَشَةِ ألعَبُ بها لَعِبَهُم، فخَرَجتُ يَومَئذٍ ما أُريدُ أن أقتُلَ أحَدًا ولا أُقاتِلَه إلَّا حَمزَةَ، فخَرَجتُ فإِذا أنا بحَمزَةَ كأنَّه بَعيرٌ أورَقُ (١)، ما يُرفَعُ له أحَدٌ إلَّا قَمَعَه (٢) بالسَّيفِ، فهِبتُه، وبادَرَنِى إلَيه رَجُلٌ مِن بَنى ولَدِ سِباعٍ، فسَمِعتُ حَمزَةَ يقولُ: إلَىَّ يا ابنَ مُقَطِّعَةِ البُظورِ. فشَدَّ عَلَيه فقَتَلَه، وجَعَلتُ ألوذُ مِنه، فلُذتُ مِنه بشَجَرَةٍ ومَعِى حَربَتِى، حَتَّى إذا استَمكَنتُ مِنه هَزَزتُ الحَربَةَ حَتَّى رَضِيتُ مِنها، ثُمَّ أرسَلتُها فوَقَعَت بَينَ ثَندُوَتَيه (٣)، ونَهَزَ (٤) ليَقومَ فلَم يَستَطِعْ، فقَتَلتُه ثُمَّ أخَذتُ حَربَتِى، ما قَتَلتُ أحَدًا ولا قاتَلتُه، فلَمّا جِئتُ عَتَقتُ، فلَمّا قَدِمَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أرَدتُ الهَرَبَ مِنه أُريدُ الشّامَ، فأَتانِى رَجُلٌ فقالَ: ويحَكَ يا وحشِىُّ، واللهِ ما يأتِى محمدًا أحَدٌ يَشهَدُ بشَهادَتِه إلَّا خَلَّى عنه. فانطَلَقتُ فما شَعَرَ بى إلَّا وأَنا واقِفٌ على رأسِه أشهَدُ بشَهادَةِ الحَقِّ فقالَ: "أوَحشِىٌّ؟ ". قُلتُ: وحشِىٌّ. قال: "ويحَكَ، حَدِّثْنى، عن قَتلِ حَمزَةَ". فأَنشأْتُ أُحَدِّثُه كما حَدَّثتُكُما، فقالَ: "ويحَكَ يا وحشِىُّ، غَيِّبْ


(١) أورق: يضرب لونه إلى الخضرة كلون الرماد. أو غبرة تضرب إلى السواد. مشارق الأنوار ٢/ ٢٨٣.
(٢) قمعه: قهره. اللسان ٨/ ٢٩٤ (ق م ع).
(٣) الثَّندوَتان للرجل كالثديين للمرأة. تهذيب اللغة ١٤/ ٦٤.
(٤) نهز: نهض. اللسان ٥/ ٤٢١ (ن هـ ز).