للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فقالا: صَلَّى بنا رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- الظُّهرَ ثُمَّ عَمَدَ إلَى ظِلِّ شَجَرَةٍ، فقامَ إلَيه الأقرَعُ بنُ حابِسٍ وعُيَينَةُ بنُ بَدرٍ يَختَصِمانِ في دَمِ عامِرِ بنِ الأضبَطِ الأشجَعِىِّ، وكانَ قَتَلَه مُحَلَّمُ بنُ جَثّامَةَ بنِ قَيسٍ، فعُيَينَةُ يَطلُبُ بدَمِ الأشجَعِىِّ عامِرِ بنِ الأضبَطِ لأنَّه مِن قَيسٍ، والأقرَعُ بنُ حابِسٍ يَدفَعُ عن مُحَلِّمِ ابنِ جَثامَةَ لأنَّه مِن خِندِفَ، وهو يَومَئذٍ سَيِّدُ خِندِفَ، فسَمِعنا عُيَينَةَ يقولُ: واللَّهِ يا رسولَ اللهِ لا أدَعُه حَتَّى أُذيقَ نِساءَه مِنَ الحَرِّ ما أذاقَ نِسائى. ورسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يقولُ: "تأخُذونَ الدّيَةَ؛ خَمسينَ في سَفَرِنا هذا وخَمسينَ إذا رَجَعنا". وهو يأبَى، فقامَ رَجُلٌ مِن بَنى لَيثٍ يُقالُ له: مِكتَلٌ، مَجموعٌ قَصيرٌ، فقالَ: يا رسولَ اللهِ، ما وجَدتُ لِهَذا القَتيلِ في غُزَةِ الإِسلامِ إلا كَعَيرٍ ورَدَت فرُ ميَت أولاها فنَفَرَت أُخراها، اسنُنِ اليَومَ وغَيِّر غَدًا. فرَفَعَ رسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَدَه ثُمَّ قال: "تأخُذونَ الدّيَةَ؛ خَمسينَ في سَفَرِنا هذا وخَمسينَ إذا رَجَعنا". فقَبِلَها القَومُ، ثُمَّ قال: ائتوا بصاحِبِكُم يَستَغفِرْ له رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-. فجاءوا به، فقامَ رَجُلٌ آدَمُ (١) طَويلٌ ضَرْبٌ (٢) عَلَيه حُلَّةٌ له قَد تَهَيّأ فيها لِلقَتلِ، فجَلَسَ بَينَ يَدَى رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فقالَ له: "ما اسمُكَ؟ ". فقالَ: مُحَلِّمُ بنُ جَثامَةَ. فقالَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "اللَّهُمَّ لا تَغفِرْ لِمُحَلِّمِ بنِ جَثّامَةَ، اللَّهُمَّ لا تَغفِرْ لِمُحَلِّمِ بنِ جَثامَةَ، اللَّهُمَّ لا تَغفِرْ لِمُحَلِّمِ بنِ جَثّامَةَ". ثُمَّ قال له: "قُمْ". فقامَ وهو يَتَلَقَّى دَمعَه بفَضلِ رِدائه، فأَمّا نَحنُ فيما بَينَنا فنَقولُ: إنا لَنَرجو أن يَكونَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَدِ


(١) آدم: شديد السُّمرة. المفهم ٤/ ٣٠٢.
(٢) الضرب من الرجال: الخفيف اللحم. التاج ٣/ ٢٤٤ (ض ر ب).