للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

النّاس، وصاحَ أبو سُفيانَ حينَ دَخَلَ مَكَّةَ: مَن أغلَقَ دارَه وكَفَّ يَدَه فهو آمِنٌ. فقالَت له هِندُ بنتُ عُتبَةَ وهِيَ امرأتُه: قَبَّحَكَ اللَّهُ مِن طَليعَةِ قَومٍ، وقَبَّحَ عَشيرَتَكَ مَعَكَ. وأَخَذَت بلِحيَةِ أبي سُفيانَ ونادَت: يا آلَ غالِبٍ اقتُلوا الشيخَ الأحمَقَ، هَلَّا قاتَلتُم ودَفَعتُم عن أنفُسِكُم وبِلادِكُم؟! فقالَ لَها أبو سُفيانَ: ويحَكِ اسكُتِي وادخُلِي بَيتَك، فإِنَّه جاءَنا بالخُلُقِ (١). ولَمَّا عَلا رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَنيَّةَ كَداءٍ نَظَرَ إلَى البارِقَةِ على الجَبَلِ مَعَ فضضِ المُشرِكينَ فقالَ: "ما هذا وقَد نَهَيتُ عن القِتالِ؟ ". فقالَ المُهاجِرونَ: نَظُنُّ أن خَالِدًا قوتِلَ وبُدِئَ بالقِتالِ فلَم يَكُنْ له بُدٌّ مِن أن يُقاتِلَ مَن قاتَلَه، وما كان يا رسولَ اللَّهِ ليَعصيَكَ ولا ليُخالِفَ أمرَكَ. فهَبَطَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الثَّنيَّةِ فأَجازَ على الحَجون، واندَفَعَ الزُّبَيرُ بن العَوَّامِ حَتَّى وقَفَ ببابِ الكَعبَةِ. وذَكَرَ القِصَّةَ قال فيها: وقالَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِخالِدِ بنِ الوَليدِ: "لِمَ قاتَلتَ وقَد نَهَيتُكَ عن القِتالِ؟ ". فقالَ: هُم بَدءُونا بالقِتال، ووَضَعوا فينا السِّلاحَ، وأَشعَرونا (٢) بالنَّبل، وقَد كَفَفتُ يَدِي ما استَطَعتُ. فقالَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "قَضَاءُ اللّهِ عَزَّ وجَلَّ خَيرٌ" (٣).

١٨٣٢٩ - أخبرَنا أبو عليٍّ الرُّوذْبارِيُّ، أخبرَنا محمدُ بن بكرٍ، حَدَّثَنَا أبو داودَ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بن الصَّبَّاح، حَدَّثَنَا إسماعيلُ بن عبد الكَريم، حَدَّثَنِي


(١) في س، م، وحاشية الأصل: "بالحق".
(٢) أشعرونا: أي طعنونا. ينظر النهاية ٢/ ٤٧٩.
(٣) المصنّف في المعرفة (٥٤٦٣، ٥٤٦٥)، والدلائل ٥/ ٣٩، ٤٠.