للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ثُمَّ يُضَمِّنُهُمُ الشَّطرَ (١)، فشَكَوا إلَى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - شِدَّةَ خَرصِه، وأَرادوا أن يَرشُوه، فقالَ: يا أعداءَ اللهِ تُطعِمونِي السُّحتَ، واللهِ لَقَد جِئتُكُم مِن عِندِ أحَبِّ النّاسِ إلَيَّ، ولأنتُم أبغَضُ إلَيَّ مِن عِدَّتِكُم مِنَ القِرَدَةِ والخَنازير، ولا يَحمِلُنِي بُغضِي إيّاكُم وحُبِّي إيّاه على ألا أعدِلَ بَينَكُم. فقالوا: بهَذا قامَتِ السَّماواتُ والأرضُ. قال: ورأى رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بعَينِ صَفيَّةَ خُضرَةً فقالَ: "يا صَفيَّةُ ما هذه الخُضرَةُ؟ ". فقالَت: كان رأسِي في حَجْرِ ابنِ حُقَيقٍ وأَنا نائمَةٌ، فرأيتُ كأنَّ قَمَرًا وقَعَ في حَجرِي، فأَخبَرتُه بذَلِكَ فلَطَمَنِي وقالَ: تَمَنّينَ مَلِكَ يَثرِبَ. قالَت: وكانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِن أبغَضِ النّاسِ إلَيَّ؛ قَتَلَ زَوجِي وأَبِي، فما زالَ يَعتَذِرُ إلَيَّ ويَقولُ: "إن أباكِ ألَّبَ عليَّ العَرَبَ، وفَعَلَ وفَعَلَ". حَتَّى ذَهَبَ ذَلِكَ مِن نَفسِي، وكانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُعطِي كُلَّ امرأةٍ مِن نِسائِه ثَمانينَ وَسْقًا مِن تَمرٍ كُلَّ عامٍ وعِشرينَ وَسْقًا مِن شَعيرٍ، فلَمّا كان زَمَنُ عُمَرَ بنِ الخطابِ غَشُّوا المُسلِمينَ، وأَلقَوا ابنَ عُمَرَ مِن فوقِ بَيتٍ ففَدَعوا (٢) يَدَيه، فقالَ عُمَرُ بن الخطابِ: مَن كان له سَهمٌ مِن خَيبَرَ فليَحضُرْ حَتَّى نَقسِمَها بَينَهُم. فقَسَمَها بَينَهُم، فقالَ رَئيسُهُم: لا تُخرِجْنا، دَعنا نكونُ فيها كما أقَرَّنا رسولُ اللهِ وأبو بكرٍ. فقالَ عُمَرُ لِرَئيسِهِم: أتُراه سَقَطَ عَنِّي قَولُ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "كَيفَ بكَ إذا رَقَصت بكَ راحِلَتُكَ نَحوَ الشّامِ يَومًا ثُمَّ يَومًا ثُمَّ يَومًا؟ ". وقَسَمَها عُمَرُ بَينَ مَن


(١) يضمنهم الشطر: أي يعطيهم الثمر كله ويضمنون نصيب المسلمين. يظر شرح الزرقانى على الموطأ ٣/ ٤٥٩.
(٢) الفدع: إزالة المفاصل عن أماكنها بأن تزيغ اليد عن عظم الزند، والرجلُ عن عظم الساق. غريب الحديث لابن الجوزي ٢/ ١٨١.