للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ابنُ المُبارَك، عن جَريرِ بنِ حازِمٍ قال: سَمِعتُ نافِعًا مَولَى ابنِ عُمَرَ يقولُ: أصابَ النّاسُ فتحًا بالشّامِ فيهِم بلالٌ - وأَظُنُّه ذَكَرَ مُعاذَ بنَ جَبَلٍ - رضي الله عنهما - فكَتَبوا إلَى عُمَرَ بنِ الخطابِ: إنَّ هذا الفَئَ الَّذِي أصَبنا لَكَ خُمُسُه ولَنا ما بَقِيَ، لَيسَ لأحَدٍ مِنه شَئٌ، كما صَنَعَ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - بخَيبَرَ. فكَتَبَ عُمَرُ: إنَّه لَيسَ على ما قُلتُم، ولَكِنِّي أقِفُها لِلمُسلِمينَ. فراجَعوه الكِتابَ وراجَعَهُم، يأبَونَ ويأبَى، فلَمّا أبَوا قامَ عُمَرُ فدَعا عَلَيهِم فقالَ: اللَّهُمَّ اكفِنِي بلالًا وأَصحابَ بلالٍ. قال: فما حالَ الحَولُ عَلَيهِم حَتَّى ماتوا جَميعًا (١).

قال الشيخُ رَحِمَه اللهُ: قَولُه: إنَّه لَيسَ على ما قُلتُم. لَيسَ يُريدُ به إنكارَ ما احتَجّوا به مِن قِسمَةِ خَيبَرَ؛ فقَد رُوّيناه عن عُمَرَ عن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ويُشبِهُ أن يُريدَ به: لَيسَتِ المَصلَحَةُ فيما قُلتُم، وإِنَّما المَصلَحَةُ في أن أقِفَها لِلمُسلِمينَ. وجَعَلَ يأبَى قِسمَتَها لِما كان يَرجو مِن تَطييبِهِم ذَلِكَ له، وجَعَلوا يأبَونَ لِما كان لَهُم مِنَ الحَقِّ، فلَمّا أبَوا لَم يُبرِمْ عَلَيهِمُ الحُكمَ بإِخراجِها مِن أيديهِم ووَقفِها، ولَكِن دَعا عَلَيهِم حَيثُ خالَفوه فيما رأى مِنَ المَصلَحَة، وهُم لَو وافَقوه وافَقَه أفناءُ النّاسِ وأَتباعُهُم، والحديثُ مُرسَلٌ، والله أعلمُ.

وقَد رُوِّينا في كِتابِ القَسْمِ في فتحِ مِصرَ أنَّه رأى ذَلِكَ، ورأى الزُّبَيرُ بن العَوّامِ قِسمَتَها كما قَسَمَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - خَيبَرَ (٢).


(١) أخرجه أحمد بن حنبل في فضائل الصحابة (٣٧٨) من طريق ابن المبارك به.
(٢) تقدم في (١٢٩٥٨).