للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حدثنا محمدُ بنُ كَثيرٍ، حدثنا سفيانُ، حدثنا عبدُ الرَّحمَنِ بنُ عابِسِ ابنِ رَبيعَةَ، عن أبيه عابِسِ بنِ رَبيعَةَ أنَّه قال: قيلَ لِعائشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-: أنَهَى رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن تُؤكَلَ لُحومُ الأضاحِىِّ فوقَ ثَلاثَةِ أيّامٍ؟ قالَت: ما نَهَى عنه إلَّا مَرَّة في عامٍ جاعَ النّاسُ مِنه (١)، فأَرادَ أن يُطعِمَ الغَنِيُّ الفقيرَ، ولَقَد كُنّا نُخرِجُ الكُراعَ بَعدَ خَمسَ عَشرَةَ فنأكُلُه. فقُلتُ: ولِمَ تَفعَلونَ ذَلِكَ؟ قال: فضَحِكَت وقالَت: ما شَبِعَ آلُ محمدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِن خُبزِ بُرٍّ مأدومٍ (٢) ثَلاثَةَ أيّامٍ حَتَّى لَحِقَ باللهِ عَزَّ وجَلَّ (٣). رَواه البخاريُّ في "الصحيح" عن محمدِ بنِ كَثيرٍ (٤).

أخبرَنا أبو عبدِ اللهِ الحافظُ، حدثنا أبو العباسِ هو الأصَمُّ، أخبرَنا الرَّبيعُ قال: قال الشّافِعِىُّ رَحِمَه اللهُ: لَمَّا رَوَت عائشَةُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- أن النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى عنه لِلدّافَّةِ ثُمَّ قال: "كُلوا وتَصَدَّقوا وادَّخِروا". ورَوَى جابِرٌ ما ذَكَرنا؛ كان يَجِبُ على مَن عَلِمَ الأمرَينِ مَعًا أن يَقولَ: نَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عنه لِمَعنًى، فإِذا كان مِثلُه فهو مَنهِىٌّ عنه، وإِذا لَم يَكُنْ مِثلُه لَم يَكُن مَنهيًّا عنه. أو يقولَ: نَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في وقتٍ ثُمَّ أرخَصَ فيه بَعدَه، والآخِرُ مِن أمرِه ناسِخٌ لِلأوَّلِ. قال: وقالَ الشّافِعِيُّ رَحِمَه اللهُ في مَوضِعٍ آخَرَ: يُشبِهُ أن يَكونَ نَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن إمساكِ لُحومِ الضَّحايا بَعدَ ثَلاثٍ إذا كانَتِ الدّافَّةُ على مَعنَى الاختيارِ لا على مَعنَى


(١) في حاشة الأصل: "فيه".
(٢) مأدوم: مضاف إليه ما يؤتدم به، وهو ما يؤكل مع الخبز. فتح البارى ١/ ٧٦.
(٣) أخرجه البخاري (٦٦٨٧)، وابن ماجة (٣٣١٣) من طريق محمد بن يوسف به. وتقدم تخريجه في (١٣٤٤٤).
(٤) البخاري عقب (٥٤٢٣).