والتَّنزيهِ لا على التَّحريمِ، فحينَ تَوَهَّمَتِ المَرأَةُ أنَّه على التَّحريمِ بَيَّنَ أنَّه على غَيرِ التَّحريمِ، والأوَّلُ أظهَرُ، واللَّهُ أعلمُ.
وقَد قال حُمَيدُ بنُ زَنجويَه في كِتابِ "الأدب" سأَلتُ ابنَ أبى أوَيسٍ: ما كان مالكٌ يقولُ في الرَّجُلِ يَجمَعُ اسمَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وكُنيَتَه؟ فأَشارَ إلَى شَيخٍ جالِسٍ معنا فقالَ: هذا محمدُ بنُ مالكٍ، سَمَّاه محمدًا وكَنَّاه أبا القاسِمِ. وكانَ يقولُ: إنَّما نُهِىَ عن ذَلِكَ في حَياةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - كَراهيَةَ أن يُدعَى أحَدٌ باسمِه أو كُنيَتِه فيَلتَفِتَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فأَمَّا اليَومَ فلا بأسَ بذَلِكَ.
قالَ حُمَيدُ بنُ زَنجُويه: إنَّما كَرِهَ أن يُدعَى أحَدٌ بكُنيَتِه في حَياتِه، ولَم يَكرَهْ أن يُدعَى باسمِه؛ لأنَّه لا يَكادُ أحَدٌ يَدعو باسمِه، فلَمّا قُبِضَ ذَهَبَ ذَلِكَ، ألا تَرَى أنَّه أذِنَ لِعَلِىٍّ إن وُلِدَ له ابنٌ بَعدَه أن يَجمَعَ له الاسمَ والكُنيَةَ، وأَنَّ نَفَرًا مِن أبناءِ وُجوهِ الصَّحابَةِ جَمَعوا بَينَهُما؛ مِنهُبم محمدُ بنُ أبى بكرٍ، ومُحَمَّدُ بنُ جَعفَرِ بنِ أبي طالِبٍ، ومُحَمَّدُ بنُ سَعدِ بنِ أبي وقّاصٍ، ومُحَمَّدُ بنُ حاطِبٍ، ومُحَمَّدُ بنُ المُنتَشِرِ.
قال الشيخُ: وهَذا التَّخصيصُ بحَياتِه، والاستِدلالُ لمن جَمَعَ بَينَهُما بَعدَ وفاتِه، مِنَ النَّوعِ الَّذِى كان يقولُ الشَّافِعِيُّ رَحِمَه اللهُ: لا حُجَّةَ في قَولِ أحَدٍ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - (١)، واللهُ أعلَمُ.