للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الجاهِليَّةِ يَطلُبونَ به البَرَكَةَ في أموالِهِم، فكانَ أحَدُهُم يَذبَحُ بِكرَ ناقَتِه أو شاتِه فلا يَغذُوه؛ رَجاءَ البَرَكَةِ فيما يأتِى بَعدَه، فسأَلوا النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - عنه فقالَ: "فرِّعوا إن شِئتُم". أىِ: اذبَحوا إن شِئتُم، وكانوا يَسأَلونَه عَمَّا كانوا يَصنَعونَ في الجاهِليَّةِ خَوفًا أن يُكرَهَ في الإسلامِ، فأَعلَمَهُم أنَّه لا مَكروهَ عَلَيهِم فيه، وأَمَرَهُمُ اختيارًا أن يَغذُوه ثُمَّ يَحمِلوا عَلَيه في سَبيلِ اللهِ (١).

١٩٣٧٦ - قال الشَّافِعِىُّ رَحِمَه اللهُ: أخبرَنِى مَن سَمِعَ زَيدَ بنَ أسلَمَ يُحَدِّثُ عن رَجُلٍ مِن بَنِى ضَمرَةَ، عن أبيه، أن النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - سُئلَ عن الفَرَعَةِ فقالَ: "الفَرَعَةُ حَقٌّ، وأَن تَغذوَه حَتَّى يَكونَ ابنَ لَبونٍ زُخْزُبًّا (٢) فتُعطيَه أرمَلَةً، أو تَحمِلَ عَلَيه في سَبيلِ اللهِ، خَيرٌ مِن أن تَكْفَأَ إناءَكَ، وتُوَلِّهَ ناقَتَكَ، وتأكُلَه يَتَلَصَّقُ (٣) لَحمُه بوَبَرِه". قال الشَّافِعِيُّ رَحِمَه اللهُ: قَولُه: "الفَرَعَةُ حَقٌّ". مَعناه: أنَّها لَيسَت بباطِلٍ، ولَكِنَّه كَلامٌ عَرَبِيٌّ يَخرُجُ على جَوابِ السَّائلِ، وقَد روِىَ عنه عَلَيه السَّلامُ: "لا فرَعَةَ ولا عَتيرَةَ". ولَيسَ هذا باختِلافٍ مِنَ الرِّوايةِ، إنَّما هذا: لا فرَعَةَ واجَبِةٌ، ولا عَتيرَةَ واجِبَةٌ، والحديثُ الآخَرُ يَدُلُّ على مَعنَى ذا، أنَّه أباحَ له الذَّبحَ واختارَ له أن يُعطيَه أرمَلَةً، أو يَحمِلَ عَلَيه في سَبيلِ اللهِ. والعَتيرَةُ هِىَ الرَّجَبيَّةُ، وهِىَ ذَبيحَةٌ كان أهلُ الجاهِليَّةِ يَتَبَرَّرونَ بها في رَجَبٍ، فقالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا عَتيرَةَ". على مَعنَى: لا عَتيرَةَ لازِمَةٌ. وقَولُه عَلَيه السَّلامُ


(١) الطحاوي في شرح المشكل ٣/ ٩١، والشافعي في السنن المأثورة ١/ ٣٤٠، ٣٤١.
(٢) في س: "رحوما"، وفي حاشيتها: "لعله: شعوبًا"، وفي م: "زخربا".
(٣) في س: "تلصق"، وفي م: "يلصق".