للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

جَعفَرُ بن بُرقانَ، عن مَعمَرٍ البَصرِيّ، عن أبي العَوّامِ البَصرِيِّ قال: كَتَبَ عُمَرُ إلَى أبي موسَى الأشعَرِيِّ -رضي الله عنهما-: إنَّ القَضاءَ فريضَةٌ مُحكَمَةٌ، وسُنَّةٌ مُتَّبَعَةٌ، فافهَمْ إذا أُدلِي إلَيكَ، فإِنَّه لا يَنفَعُ تَكَلُّم بحَقٍّ (١) لا نَفاذَ له، وآسِ بَينَ النّاسِ في وجهِكَ ومَجلِسِكَ وقَضائِكَ؛ حَتَّى لا يَطمَعَ شَريفٌ في حَيفِكَ، ولا يَيأسَ ضَعيفٌ مِن عَدلِكَ، البَيِّنَةُ على مَنِ ادَّعَى واليَمينُ على مَن أنكَرَ، والصُّلحُ جائزٌ بَينَ المُسلِمينَ إلَّا صُلحًا أحَلَّ حَرامًا أو حَرَّمَ حَلالًا، ومَنِ ادّعَى حَقًّا غائبًا أو بَيِّنَةً فاضرِبْ له أمَدًا يَنْتَهِي إلَيه، فإِن جاءَ ببَيِّنَةٍ أعطَيتَه بحَقِّه، فإِن أعجَزَه ذَلِكَ استَحلَلتَ عَلَيه القَضيَّةَ؛ فإِنَّ ذَلِكَ أبلَغُ في العُذرِ وأجلَى لِلعَمَى، ولا يَمنَعْكَ مِن قَضاءٍ قَضَيتَه اليَومَ فراجَعتَ فيه لِرأيِكَ وهُديتَ فيه لِرَشَدِكَ أن تُراجِعَ الحَقَّ؛ لأنَّ الحَقَّ قَديمٌ، لا يُبطِلُ الحَقَّ شَيءٌ، ومُراجَعَةُ الحَقِّ خَيرٌ مِنَ التَّمادِي في الباطِل، والمُسلِمونَ عُدولٌ بَعضُهُم على بَعضٍ في الشَّهادَةِ إلَّا مَجلودٌ في حَدٍّ أو مُجَرَّبٌ عَلَيه شَهادَةُ الزّورِ أو ظَنِينٌ (٢) في ولاءٍ أو قَرابَةٍ، فإِنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ تَوَلَّى مِنَ العِبادِ السَّرائرَ وسَتَرَ عَلَيهِمُ الحُدودَ إلَّا بالبَيِّناتِ والأيمان، ثُمَّ الفَهمَ الفَهمَ فيما أُدلِي إلَيكَ مِمّا لَيسَ في قُرآنٍ ولا سُنَّةٍ، ثُمَّ قايِسِ الأُمورَ عِندَ ذَلِكَ، واعرِفِ الأمثالَ والأشباهَ، ثُمَّ اعمِدْ إلَى أحَبِّها إلَى اللهِ فيما تَرَى وأشبَهِها بالحَقّ، وإيّاكَ والغَضَبَ والقَلَقَ والضَّجَرَ والتّأذِّي بالنّاسِ عِندَ الخُصومَةِ والتَّنَكُرَ؛ فإِنَّ القَضاءَ في مَواطِنِ الحَقِّ يوجِبُ اللهُ له


(١) في م: "حق".
(٢) الظنين: هو الذي ينتمى إلى غير مواليه. غريب الحديث لابن الجوزى ٢/ ٥٨.