للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال عبدُ اللَّهِ: إنَّ المُؤمِنَ يَرَى ذُنوبَه كأنَّه جالِسٌ فى أصلِ جَبَلٍ يَخافُ أن يَنقَلِبَ عَلَيه، وإِنَّ الفاجِرَ يَرَى ذُنوبَه كَذُبابٍ مَرَّ على أنَّفِه، فقالَ له هَكَذا فذَهَبَ. وأمَرَّ بيَدِه على أنَّفِه (١). رَواه مسلمٌ فى "الصحيح" عن إسحاقَ بنِ مَنصورٍ عن أبى أُسامَةَ (٢).

قال الشيخُ: والفَرَحُ المُضافُ إلَى اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ فى هذا الحديثِ بمَعنَى الرِّضا والقَبولِ كَقَولِه تَعالَى: {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [المؤمنون: ٥٣، والروم: ٣٢] يَعنِى: راضونَ، كَذَلِكَ ذَكَرَه بعضُ أهلِ العِلمِ، وهو حَسَنٌ (٣).

وفِى التَّوبَةِ مِنَ الذَّنبِ أخبارٌ كَثيرَةٌ لَيسَ ههنا مَوضِعُها.

وأمَّا مَن خَرَجَ مِن أهلِ الاسلامِ مِن دارِ الدُّنيا وقَد تَلَوَّثَ بالذُّنوبِ والخَطايا، فهو فى مَشيئَةِ اللَّهِ تَعالَى؛ إن شاءَ غَفَرَ له بفَضلِه ذُنوبَه صِغارَها وكِبارَها، وإِن شاءَ عاقَبَه بعَدلِه على ذُنوبِه، ثُمَّ أخرَجَه مِن عُقوبَتِه إلَى جَنَّتِه برَحمَتِه أو بشَفاعَةِ الشّافِعينَ بإِذنِه، وفى ذَلِكَ أخبارٌ كَثيرَةٌ إلَّا أنّا


(١) المصنف فى الأسماء والصفات (٩٩٥). وأخرجه البخارى (٦٣٠٨) معلقًا عن أبى أسامة به. والترمذى (٢٤٩٧، ٢٤٩٨) والنسائى فى الكبرى (٧٧٤٢) من طريق الأعمش به بنحوه. وعند النسائى مقتصرًا على المرفوع. وأحمد (٣٦٢٧ - ٣٦٢٩) من طريق الحارث بن سويد به.
(٢) مسلم (٢٧٤٤/ ٤).
(٣) قال الذهبى ٨/ ٤١٩٤: "ليت المؤلف سكت؛ فإن الحديث من أحاديث الصفات التى تُمَرُّ على ما جاءت كما هو معلوم من مذهب السلف، والتأويل الذى ذكره ليس بشئ؛ يُسأل عن معنى الرضا فيؤَوِّله بمعنى الإرادة، والنبى صلى اللَّه عليه وسلم قد جعل فرح الخالق عزَّ وجلَّ أشد من فرح الذى ضلت راحلته، فتأمل هذا وكفّ، واعلم أن نبيك لا يقول إلا حقًّا؛ فهو أعلم بما يجب للَّه وما يمتنع عليه من جميع الخلق. اللهم اكتب الإيمان بك فى قلوبنا، وأيدنا بروح منك".