للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بها، وإِن كُنتَ كَرِهتَ جِوارَ قَومٍ حَوَّلْناكَ عَنهُم. قال: إنِّى شَرِبتُ الخَمرَ، وأنا أحَدُ بَنِى تَيمٍ، وإِنَّ أبا موسَى جَلَدَنِى وحَلَقَنِى وسَوَّدَ وجهِى وطافَ بى فى النّاسِ، وقالَ: لا تُجالِسوه ولا تُؤاكِلوه. فحَدَّثتُ نَفسِى بإِحدَى ثَلاثٍ: إمّا أن أتَّخِذَ سَيفًا فأضرِبَ به أبا موسَى، وإِمّا أن آتيَكَ فتُحَوِّلَنِى إلَى الشّامِ فإِنَّهُم لا يَعرِفونَنِى، وإِمّا أن ألحَقَ بالعَدوِّ وآكُلَ مَعَهُم وأشرَبَ. قال: فبَكَى عُمَرُ وقالَ: ما يَسُرُّنِى أنَّكَ فعَلتَ وأَنَّ لِعُمَرَ كَذا وكَذا، وإِنِّى كُنتُ لَأشرَبَ النّاسِ لها فى الجاهِليَّةِ، وإِنَّها لَيسَت كالزِّنى. وكَتَبَ إلَى أبى موسَى: سَلامٌ عَلَيكَ، أمّا بَعدُ، فإِنَّ فُلانَ بنَ فُلانٍ التَّيمِىَّ أخبرَنِى بكَذا وكَذا، وايمُ اللَّهِ، لَئن عُدتَ لأسوِّدَنَّ وجهَكَ ولأطوفَنَّ بكَ فى النّاسِ، فإِن أرَدتَ أن تَعلَمَ حَقَّ ما أقولُ لَكَ فعُدْ فأْمُرِ النّاسَ أن يُجالِسوه ويُؤاكِلوه، وإِن تابَ فاقبَلوا شَهادَتَه. وحَمَلَه وأعطاه مِائَتَى دِرهَمٍ (١).

فأخبَرَ عُمَرُ أن شَهادَتَه تَسقُطُ بشُربِه الخَمرَ، وأنَّه إذا تابَ حينَئذٍ تُقبَلُ شَهادَتُه.

قال الشّافِعِىُّ رَحِمَه اللَّهُ: وبائعُ الخَمرِ مَردودُ الشَّهادَةِ؛ لأنَّه لا خِلافَ بَينَ أحَدٍ مِنَ المُسلِمينَ فى أنَّ بَيعَها مُحَرَّمٌ (٢).

قال الشيخُ: وقَد مَضَتِ الدِّلالَةُ على تَحريمِ بَيعِها مَعَ الإجماعِ فى كِتابِ البُيوعِ (٣).


(١) أخرجه ابن شبة فى تاريخ المدينة ٣/ ٨١٣، ٨١٤ من طريق حماد بن سلمة به.
(٢) الأم ٧/ ٥٤.
(٣) تقدم فى (١١١٥٠ - ١١١٥٥).