للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٢١٦٣٢ - أخبرَنا أبو سعيدِ ابنُ أبى عمرٍو، حدثنا أبو العباسِ، أنبأنا الرَّبيعُ، أنبأنا الشّافِعِىُّ، أنبأنا عبدُ اللَّه بنُ الحارِثِ بنِ عبدِ المَلِكِ، عن ابنِ جُرَيجٍ أنَّه قال لِعَطاءٍ: ما الخَيرُ، المالُ أوِ الصَّلاحُ أم كُلُّ ذَلِكَ؟ قال: ما نُراه إلَّا المالَ. قُلتُ: فإِنْ لَم يَكُنْ عِندَه مالٌ وكان رَجُلَ صدقٍ. قال: ما أحسِبُ خَيرًا إلَّا ذَلِكَ؛ المالَ والصَّلاحَ. قالَ: وقالَ مُجاهِدٌ: {إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} المالُ، كائنَةً أخلاقُهُم وأديانُهُم ما كانَت (١).

قال الشّافِعِىُّ رَحِمَه اللَّهُ: الخَيرُ كَلِمَةٌ يُعرَفُ ما أُريدَ بها بالمُخاطَبَةِ بها، قال اللَّهُ تَعالَى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} [البينة: ٧]. فعَقِلنا أنَّهُم خَيرُ البَريَّةِ بالإيمانِ وعَمَلِ الصّالِحاتِ لا بالمالِ، وقالَ اللَّهُ تَعالَى: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ} [الحج: ٣٦]. فعَقِلنا أنَّ الخَيرَ المَنفَعَهُ بالأجرِ لا أنَّ فى البُدنِ لَهُم مالًا، وقالَ: {إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا} [البقرة: ١٨٠]. فعَقِلنا أنَّه إنْ تَرَكَ مالًا؛ لأنَّ المالَ المَتروكُ، وبِقَولِه: {الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} فلَمّا قال اللَّهُ تَعالَى: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} كان أظهَرُ مَعانيها -بدَلالَةِ ما استَدلَلْنا به مِنَ الكِتابِ- قوَّةً على اكتِسابِ المالِ وأمانَةً؛ لأنَّه قَد يَكونُ قَويًّا فيَكتَسِبُ فلا يُؤَدِّى إذا لَم يَكُنْ ذا أمانَةٍ، وأمينًا فلا يَكونُ قَويًّا على الكَسبِ فلا يُؤَدِّى. قال الشّافِعِىُّ رَحِمَه اللَّهُ: ولَيسَ الطاهِرُ مِنَ القَولِ: إنْ عَلِمتَ فى


= من طريق ابن جريج به، مقتصرين على قول عطاء وحده.
(١) المصنف فى المعرفة (٦٠٩٠)، والشافعى ٨/ ٣١.