قال عبدُ اللَّه بنُ مَسعودٍ: فإذا فرَغتَ مِن صَلاتِكَ فإن شِئتَ فاثبُتْ وإِن شِئتَ فانصَرِفْ (١).
قالَ الشيخُ رحِمه اللَّهُ: وهَذِه اللَّفظَهُ: فإِذا فرَغتَ مِن صَلاتِكَ. إِن كانَت مَحفوظَة، أَشبَهُ بما رُوِّينا عن ابنِ مَسعودٍ فى انقِضاءِ الصَّلاةِ بالتَّسليمِ، وبِما سَنَرويه عنه عن النبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فى التَّسليمِ، وكأَنَّه أَرادَ خِلافَ مَن زَعَمَ أنَّه لا يَجوزُ لِلمأمومِ أَن يَنصَرِفَ بَعدَ الفَراغِ مِنَ الصَّلاةِ قَبلَ انصِرافِ الإمامِ، وإِن كانَتِ اللَّفظَةُ الأُولَى ثابِتَةً عن النبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فمَعلوم أَنَّ تَعليمَ النبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عبدَ اللَّهِ بنَ مَسعودٍ تَشَهُّدَ الصَّلاةِ كان فى ابتِداءِ ما شُرعَ التَّشَهُّدُ، ثم كان بَعدَه شَرعُ الصَّلاةِ على النبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، بدَليلِ قَولِهِم: قَد عَرَفنا السَّلامَ عَلَيكَ، فكَيفَ الصَّلاةُ عَلَيكَ؟ ثم شُرعَ التَّسليمُ مِنَ الصَّلاةِ معه أَو بَعدَه، فصارَ الأمرُ إِلَيه، واللَّهُ أَعلَمُ.
والَّذِى يُؤَكِّدُ هذا ما:
٣٠١١ - أخبرَنا أبو نَصرِ ابنُ قَتادَةَ مِن أَصلِه، أخبرَنا أبو محمدٍ أحمدُ بنُ إِسحاقَ بنِ شَيبانَ البَغدادِىُّ بهَراةَ، أخبرَنا مُعاذُ بنُ نَجْدَةَ، حدَّثَنا خَلَّادُ بنُ يَحيَى، حدَّثَنا عُمَرُ بنُ ذَرٍّ، أخبرَنا عَطاءُ بنُ أبى رَباحٍ، أَنَّ رسولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان إذا قَضَى التَّشَهُّدَ فى الصَّلاةِ أَقبَلَ على النّاسِ بوَجهِه قَبلَ أَن يَنزِلَ التَّسليمُ.
وكَذَلِكَ رواه يونُسُ بنُ بُكَيرٍ عن عمرَ بنِ ذَرٍّ عن عَطاءٍ قالَ: وذَلِكَ قَبلَ أَن
(١) أخرجه الخطيب فى المدرج ١/ ١١٢ من طريق محمد بن مصفى به.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute