للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حَفصُ بنُ عُمَرَ المِهرَقانِيُّ (١)، حدثنا أبو داودَ هو الطَّيالِسِيُّ قال: كان سفيانُ الثَّورِىُّ وشُعبَةُ وحَمّادُ بنُ زَيدٍ وحَمّادُ بنُ سلمةَ وشَريكٌ وأبو عَوانَةَ لا يَحُدّونَ ولا يُشَبِّهونَ ولا يُمَثِّلونَ، يَروونَ الحديثَ ولا يَقولونَ: كَيفَ، وإِذا سُئلوا أجابوا بالأثَرِ (٢).

أخبرَنا أبو عبدِ اللَّهِ الحافظُ قال: سَمِعتُ أبا محمدٍ أحمدَ بنَ عبدِ اللَّهِ المُزَنِيَّ يقولُ: حَديثُ النُّزولِ قَد ثَبَتَ عن رسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِن وُجوهٍ صَحيحَةٍ، ووَرَدَ في التَّنزيلِ ما يُصَدِّقُه وهو قَولُه تَعالَى: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر: ٢٢]. والنُّزولُ والمَجِئُ صِفَتانِ مَنفيَّتانِ عن اللَّه تَعالَى مِن طَريقِ الحَرَكَةِ والانتِقالِ مِن حالٍ إلَى حالٍ، بَل هُما صِفَتانِ مِن صِفاتِ اللَّهِ تَعالَى بلا تَشبيهٍ، جَلَّ اللَّهُ تَعالَى عَمّا تَقولُ المُعَطِّلَةُ لِصِفاتِه والمُشَبِّهَةُ بها عُلوًّا كَبيرًا (٣).

قُلتُ: وكانَ أبو سُلَيمانَ الخَطّابِيُّ رَحِمَه اللَّهُ يقولُ: إنَّما يُنكِرُ هذا وما أشبَهَه مِنَ الحديثِ مَن يَقيسُ الأُمورَ في ذَلِكَ بما يُشاهِدُه مِنَ النُّزولِ الَّذِى هو تَدَلَّى مِن أعلَى إلَى أسفَلَ، وانتِقالٌ مِن فوقٍ إلَى تَحتٍ، وهَذِه صِفَةُ الأجسامِ والأشباحِ، فأَمّا نُزولُ مَن لا تَستَولِى عَلَيه صِفاتُ الأجسامِ، فإِنَّ هذه المَعانِيَ غَيرُ مُتَوَهَّمَةٍ فيه، وإِنَّما هو خَبَرٌ عن قُدرَتِه ورأفَتِه بعِبادِه وعَطفِه عَلَيهِم، واستِجابَتِه دُعاءَهُم، ومَغفِرَتِه لَهُم، يَفعَلُ ما يَشاءُ، لا يَتَوَجَّهُ على صِفاتِه كَيفيَّةٌ،


(١) في ص ٢: "المهرجانى" بالجيم. والمهرقانى: نسبة إلى مهرقان الرى، منها حفص بن عمر. الأنساب ٥/ ٤١٥.
(٢) المصنف في الأسماء والصفات (٩٠١). وينظر التعليق في الصفحة السابقة.
(٣) المصنف في الأسماء والصفات (٩٥٧).