للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وجَدتَ له قُشَعْرِيرَةً". قال: فخَرَجتُ مُتَوَشِّحًا بسَيفِى حَتَّى دُفِعتُ إلَيه في ظُعُنٍ (١) يَرتادُ بهِنَّ مَنزِلًا حَتَّى كان وقتُ العَصرِ، فلَمّا رأَيتُه وجَدتُ له ما وصَفَ لِى رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - منَ القُشَعْريرَةِ فأَقبَلتُ نَحوَه، وخَشِيتُ أن يَكونَ بَينِى وبَينَه مُجاوَلَةٌ (٢) تَشغَلُنِى عن الصَّلاةِ، فصَلَّيتُ وأَنا أمشِى نَحوَه أومِئُ برأسِى إيماءً، فلَمّا انتَهَيتُ إلَيه قال: مَنِ الرَّجُلُ؟ قُلتُ: رَجُلٌ مِنَ العَرَبِ سَمِعَ بكَ وبِجَمعِكَ لِهَذا الرَّجُلِ فجاءَ لِذَلِكَ. قال: أجَل نَحنُ في ذَلِكَ. قال: فمَشَيتُ مَعَه شَيئًا حَتَّى إذا أمكَنَنِى حَمَلتُ عَلَيه بالسَّيفِ فقَتَلتُه، ثُمَّ خَرَجتُ وتَرَكتُ ظَعائنَه مُكِبّاتٍ عَلَيه، فلَمّا قَدِمتُ على رسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: "أفلَحَ الوَجهُ". قُلتُ: قَد قَتَلتُه يا رسولَ اللَّهِ. قال: "صَدَقتَ". ثُمَّ قامَ بى رسولُ اللَّهِ فدَخَلَ بى بَيتَه فأَعطانِى عَصًا فقالَ: "أمسِكْ هذه عِندَكَ يا عبدَ اللَّهِ بنَ أُنَيسٍ". فخَرَجتُ بها على النّاسِ فقالوا: ما هذه العَصا مَعَكَ يا عبدَ اللَّهِ بنَ أُنَيسٍ؟ قُلتُ: أعطانيها رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وأَمَرَنِى أن أُمسِكَها عِندِى. قالوا: أفَلا تَرجِعُ إلَيه فتَسأَلَه عن ذَلِكَ؟ قال: فرَجَعتُ إلَيه فقُلتُ: يا رسولَ اللَّهِ لِمَ أعطَيتَنِى هَذِه العَصا؟ قال: "آيَةٌ بَينِى وبَينَكَ يَومَ القيامَةِ، إنَّ أقَلَّ النّاسِ المُتَخَصِّرونَ (٣) يَومَئذٍ". قال: فقَرَنَها عبدُ اللَّهِ بسَيفِه، فلَم تَزَلْ مَعَه حَتَّى إذا ماتَ أُمِرَ بها فضُمَّت مَعَه


(١) تقدم تعريف الظعن في (٢٢٨٣).
(٢) في الأصل، س، م: "مجادلة"، وفي بعض نسخ مسند أحمد والدلائل للمصنف: "محاولة". والمثبت موافق لسيرة ابن هشام ونسخة من مسند أحمد ولما في المهذب ٣/ ١١٨٩.
(٣) المتخصرون: أراد أنهم يأتون ومعهم أعمال لهم صالحة يتكئون عليها. النهاية ٢/ ٣٦.